للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخي، اعلم أني كنت السبب في هذه القضية، ولم أشك أنك خسرت فيها ما يقارب هذا القدر الذي وجدته الآن عند عمك، فبالله إلا ما سررتني بقبوله، فقلت له: أنا ما أستحيي منك في هذا الأمر، والله إن أخذت هذا المال لأتلفنه فيما أتلفت فيه مال والدي (١) من أمور الشباب، ولا يحل لك أن تمكنني منه بعد أن شرحت لك أمري، فتبسم وقال: لقد احتلت في الخروج عن المنة بحيلة، وانصرف بماله، انتهى.

٧٠ - ثم قال صاحب " الملتمس ": وتذاكرنا يوماً معه حالة الزاهد أبي عمران المارتلي، فقال: صحبته مدة فما رأيت مثله، وأنشدني شعرين ما نسيتهما ولا أنساهما ما استطعت، فالأول قوله (٢) :

إلى كم أقول فلا أفعل ... وكم ذا أحوم ولا أنزل

وأزجر عيني فلا ترعوي ... وأنصح نفسي فلا تقبل

وكم ذا تعلّل لي ويحها ... بعلّ وسوف وكم تمطل

وكم ذا أؤمّل طول البقا ... وأغفل والموت لا يغفل

وفي كلّ يومٍ ينادي بنا ... منادي الرحيل ألا فارحلوا (٣)

أمن بعد سبعين أرجو البقا ... وسبعٍ أتت بعدها تعجل

كأن بي (٤) وشيكاً إلى مصرعي ... يساق بنعشي ولا أمهل

فيا ليت شعري بعد السؤال ... وطول المقام لما أنقل والثاني قوله:

اسمع أخيّ نصيحتي ... والنّصح من محض الدّيانه


(١) م: مالي ومال أبي.
(٢) هاتان القطعتان في ترجمته في المغرب والغصون اليانعة، والثانية منهما مرت فيما تقدم ص: ٩٩.
(٣) المغرب: ألا فانزلوا.
(٤) م: كأني.

<<  <  ج: ص:  >  >>