للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عصفت ريحٌ أقامت رؤوسها ... فلم يلقها إلاّ طيورٌ بوارح

فمن لصغارٍ بعد فقد أبيهم ... سوى سانحٍ في الدهر لو عنّ سانح واستوزره المستظهر عبد الرحمن بن هشام أيام الفتنة فلم يرض بالحال، ولم يمض في ذلك الانتحال، وتثاقل عن الحضور في كل وقت، وتغافل في ترك الغرور بذلك المقت، وكان المستظهر يستبد بأكثر تلك الأمور دونه، وينفرد مغيباً عنه شؤونه، فكتب إليه:

إذا غبت لم أحضر وإن جئت لم أسل ... فسيّان منّي مشهدٌ ومغيب

فأصبحت تيمياً وما كنت قبلها ... لتيمٍ ولكنّ الشبيه نسيب وله:

رأت طالعاً للشيب بين ذوائبي ... فباحت بأسرار الدّموع السواكب

وقالت: أشيبٌ قلت: صبح تجاربي ... أنار على أعقاب ليل نوائبي ولما مات رثاه الوزير أبو عامر ابن شهيد بقوله:

أفي كلّ عامٍ مصرعٌ لعظيم ... أصاب المنايا حادثي وقديمي

وكيف اهتدائي في الخطوب إذا دجت ... وقد فقدت عيناي ضوء نجوم

مضى السلف الوضّاح إلا بقيةً ... كغرّة مسودّ القميص بهيم

فإن ركبت مني اللّيالي هضيمة ... فقبلي ما كان اهتضام تميم

أبا عبدةٍ إنّا غدرناك عندما ... رجعنا وغادرناك غير ذميم

أنخذل من كنّا نرود بأرضه ... ونكرع منه في إناء علوم

ويجلو العمى عنّا بأنوار رأيه ... إذا أظلمت ظلماء ذات غيوم

كأنّك لم تلقح بريحٍ من الحجى ... عقائم أفكار بغير عقيم

ولم نعتمد مغناك غدواً ولم نزر ... رواحاً (١) لفصل الحكم دار حكيم


(١) المطمح: ولم نزل نؤم.

<<  <  ج: ص:  >  >>