للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المحذوف كان قولنا فإذا هو إياها بمنزلة قولنا فلما لسعني الزنبور ظننته هو إياها فحذف الظن مع مفعوله الأول، وبقي الضمير الذي هو العماد والفصل مؤكداً للضمير المحذوف مع الفعل ودالاً على ما يأتي بعده من الخبر المحتاج إليه، فيكون في حذف المخبر عنه لما تقدم من الدليل عليه مع الإتيان بالعماد والفصل المؤكد له المثبت لما بعده من الخبر المحتاج إليه مثل قوله " ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم " فحذف البخل الذي هو المفعول الأول لقوله يحسبن وبقي الضمير مؤكداً له مثبتاً لما بعده من الخبر، وجاز حذفه لدلالة يبخلون عليه، والمعنى: لا يحسبن الذين يبخلون البخل هو خيراً لهم، فهو في المسألة عماد مؤكد لضمير الزنبور المحمول على الظن المضمر ومثبت لما يجيء بعده من الخبر الذي هو إياها فتفهمه فإنه متمكن من جهة المعنى، وجارٍ من الاختصار لعلم المخاطب على قياس وأصل، وشاهده القرآن في الحذف واستعمال العرب النظائر، وهي أكثر من أن تحصى، فمنها قولهم ما أغفله عنك شيئاً أي تثبت شيئاً ودع الشك، وقولهم لمن أنكر عليه ذكر إنسان ذكره من أنت زيداً أي: من أنت تذكر زيداً، وربما قالوا من أنت زيد بالرفع على تقدير: من أنت ذكرك زيد، فحذفوا الفعل مرة وأبقوا عمله، وحذفوا المبتدأ أخرى وأبقوا خبره، وكل ذلك اختصار، لعلم المخاطب بالمعنى، وكذلك قولهم هذا ولا زعماتك أي هذا القول والزعم الحق ولا أتوهم زعماتك، فحذف هذا لعلم السامع مع تحصل المعنى وقيامه عند المخاطب، والحمل في كلامهم على المعنى أكثر من أن يحصى.

فإن كان الضمير الأول في المسألة للزنبور والضمير الآخر للعقرب لم يجز البتة إلا رفع الضميرين بالابتداء والخبر، على حد قولك ظننت زيداً عاقلاً فإذا هو أحمق، وحسبت عبد الله قاعداً فإذا هو قائم ولو تقدم ذكر الخبر والمخبر عنه لقلت فإذا هو هو ولم يجز فإذا هو إياه البتة. ويجوز في المسألة

<<  <  ج: ص:  >  >>