للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صرفت في آلة الصواغ أنملةٌ ... لم تدر إلا الندى والسيف والقلما

يدٌ عهدتك للتقبيل تبسطها ... فتستقل الثريا أن تكون فما

يا صائغاً كانت العليا تصاغ له ... حلياً وكان عليه الحلي منتظما

للنفخ في الصور هولٌ ما حكاه سوى ... هولٍ رأيتك فيه تنفخ الفحما

وددت إذ نظرت عيني إليك به ... لو أن عيني تشكو قبل ذاك عمى

ما حطك الدهر لما حط عن شرفٍ ... ولا تحيف من أخلاقك الكرما

لح في العلا كوكباً، إن لم تلح قمراً ... وقم بها ربوة، إن لم تقم علما

واصبر فربما أحمدت عاقبةً ... من يلزم الصبر يحمد غب ما لزما

والله لو أنصفتك الشهب لانكسفت ... ولو وفى لك دمع الغيث لانسجما

أبكى حديثك حتى الدر حين غدا ... يحكيك رهطاً وألفاظاً ومبتسما ٥٥٧ - وقال لسان الدين بن الخطيب رحمه الله تعالى (١) : وقفت على قبر المعتمد بن عباد بمدينة أغمات في حركة راحة أعملتها إلى الجهات المراكشية، باعثها لقاء الصالحين ومشاهدة الآثار سنة٧٦١، وهو بمقبرة أغمات في نشز من الأرض، وقد حفت به سدرة، وإلى جانبه قبر اعتماد حظيته مولاة رميك، وعليهما هيئة التغرب ومعاناة الخمول من بعد الملك، فلا تملك العين دمعها عند رؤيتها، فأنشدت في الحال:

قد زرت قبرك عن طوعٍ بأغمات ... رأيت ذلك من أولى المهمات

لم لا أزورك يا أندى الملوك يداً ... ويا سراج الليالي المدلهمات

وأنت من لو تخطى الدهر مصرعه ... إلى حياتي لجادت فيه أبياتي

أناف قبرك في هضبٍ يميزه ... فتنتحيه حفيات التحيات

كرمت حياً وميتاً واشتهرت علاً ... فأنت سلطان أحياءٍ وأموات


(١) انظر مشاهدات لسان الدين: ١٣٣ نقلاً عن نفاضة الجراب، وأزهار الرياض ١: ٢٩٧ وستأتي القصيدة في الباب الخاص بشعر لسان الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>