للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موجود الحياة عدماً، وصار أحرار الدهر فيه خدماً، فسحقاً لدنيا ما رعت حقوقه، ولا أبقت شروقه، فكم أحياها لبنيها، وأبداها رائقة لمجتنيها، وهي الأيام لا يتقى من تجنيها (١) ، ولا تبقي على مواليها ومدانيها، أدثرت آثار جلق، وأخمدت نار المحلق، وذلت عزة ابن شداد، وهدت القصر ذا الشرفات من سنداد، ونعمت ببؤس النعمان، وأكمنت غدرها له في طلب الأمان، انتهى.

ثم ذكر الفتح من أخباره وأشعاره ومجالس أنسه وغير ذلك من أمره نبذاً ذكرنا بعضها في هذا الكتاب.

٦٧٣ - الراضي ابن المعتمد

وقال في ترجمة ابنه الراضي بالله أبي خالد يزيد بن المعتمد ما نصه (٢) : ملك تفرع من دوحة سناء، أصلها ثابت وفرعها في السماء، وتحدر من سلالة أكابر، ورقاة أسرة ومنابر، وتصرف أثناء شبيبته بين دراسة معارف وإفاضة عوارف، وكلف بالعلم حتى صار ملهج لسانه، وروضة أجفانه، لا يستريح بغرته منه إلا إلى متن سائل الغرة، ميمون الأسرة، يسابق به الرياح، ويحاسن بغرته البدر اللياح، عريق في السناء، عتيق الاقتناء، سريع الوخد والإرقال، من آل أعوج أو لذي العقال (٣) ، إلى أن ولاه أبوه الجزيرة الخضراء، وضم إليها رندة الغراء، فانتقل من متن الجواد، إلى ذروة الأعواد، وأقلع عن الدراسة، إلى تدبير الرياسة، وما زال يدبرها بجوده ونهاه، ويورد الآمل فيها مناه، حتى غدت عراقاً، وامتلأت إشراقاً، إلى أن اتفق في أمر الجزيرة ما اتفق، وخاب


(١) وهي ... تجنيها: سقطت من م.
(٢) القلائد: ٣١.
(٣) القلائد: أو ولد العقال؛ والإشارة إلى قول الشاعر:
وترى الجياد يبتن حول خبائنا ... من آل أعوج أو لذي العقال وأعوج والعقال: فحلان من فحول الجياد.

<<  <  ج: ص:  >  >>