للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأندلس، فنقول: إنها مع ما بأيدي عبّاد الصّليب منها أعظم سلطنة كثرت ممالكها، وتشعبت في وجوه الاستظهار للسلطان إعانتها، وندع كلامنا في هذا الشأن، وننقل ما قاله ابن حوقل النصيبي في كتابه لما دخلها في مدة خلافة بني مروان بها في المائة الرابعة، وذلك أنّه لما وصفها قال (١) : وأما جزيرة الأندلس فجزيرة كبيرة، طولها دون الشهر في عرض نيّف وعشرين مرحلة، تغلب عليها المياه الجارية والشجر والثمر، والرخص والسعة في الأحوال من الرقيق الفاخر والخصب الظاهر، إلى أسباب التملك الفاشية فيها، ولما هي به من أسباب رغد العيش وسعته وكثرته، يملك ذلك منهم مهينهم وأرباب صنائعهم لقلة مؤنتهم وصلاح معاشهم وبلادهم. ثم أخذ في عظم سلطانها ووصف وفور جباياته وعظم مرافقه، وقال في أثناء ذلك: وممّل يدلّ بالقليل منه على كثيره أن سكة دار ضربه على الدراهم والدنانير دخلها في كل سنة مائتا ألف دينار، وصرف الدينار سبعة عشر درهماً، هذا إلى صدفات البلد وجباياته، وخراجاته وأعشاره وضماناته والأموال المرسومة على المراكب الواردة والصادرة وغير ذلك.

وذكر ابن بشكوال أن جباية الأندلس بلغت في مدّة عبد الرحمن الناصر خمسة آلاف دينار وأربعمائة ألف وثمانين ألفاً، ثم (٢) من السوق المستخلص سبعمائة ألف وخمسة وستون ألف دينار.

ثم قال ابن حوقل: ومن أعجب ما في هذه الجزيرة بقاؤها على من هي في يده مع صغر أحلام أهلها، وضعة نفوسهم، ونقص عقولهم، وبعدهم من البأس والشجاعة والفروسية والبسالة، ولقاء الرجال، ومراس الأنجاد والأبطال، مع علم أمير المؤمنين بمحلّها في نفسها ومقدار جباياتها ومواقع نعمها ولذاتها.


(١) صورة الأرض: ١٠٤، وفي النص بعض اختلاف عما أثبته ابن سعيد.
(٢) ثم: سقطت من ك.

<<  <  ج: ص:  >  >>