ممّا يزهّدني في أرض أندلسٍ ... تلقيب معتضدٍ فيها ومعتمد
ألقاب مملكةٍ في غير موضعها ... كالهرّ يحكي انتفاخاً صولة الأسد وكان عبّاد بن محمد بن عبّاد قد تلقب بالمعتضد، واقتفى سيرة المعتضد العباسي أمير المؤمنين، وبلقّب ابنه محمد بن عبّاد بالمعتمد، وكانت لبني عبّاد مملكة إشبيلية ثم انضاف إليها غيرها.
وكان خلفاء بني أمية يظهرون للناس في الأحيان على أبّهة الخلافة، وقانون لهم في ذلك معروف، إلى أن كانت الفتنة، فازدرت العيون ذلك الناموس واستخفّت به.
وقد كان بنو حمّود من ولد إدريس العلوي الذين توثبوا على الخلافة في أثناء الدولة المروانية بالأندلس يتعاظمون، ويأخذون أنفسهم بما يأخذها خلفاء بني العباس، وكانوا إذا حضرهم منشد لمدح أو من يحتاج إلى الكلام بين أيديهم يتكلم من وراء حجاب، والحاجب واقف عند الستر يجاوب بما يقول له الخليفة، ولما حضر ابن مقانا الأشبونيّ أمام حاجب إدريس بن يحيى الحمّودي الذي خطب له بالخلافة في مالقة، وأنشده قصيدته المشهورة النونية التي منها قوله (١) :
وكأنّ الشّمس لمّا أشرقت ... فانثنت عنها عيون الناظرين
وجه إدريس بن يحيى بن علي ... بن حمّودٍ أمير المؤمنين وبلغ فيها إلى قوله:
انظرونا نقتبس من نوركم ... إنّه من نور ربّ العالمين رفع الخليفة الستر بنفسه، وقال: انظر كيف شئت، وانبسط مع الشاعر، وأحسن إليه.
(١) عبد الرحمن بن مقانا الأشبوني القبذاقي أبو زيد من شعراء الذخيرة (القسم الثاني: ٣٠١، وانظر المغرب ١: ٤١٣ والحاشية في مصادر ترجمته) .