سيف المؤيد عبد المؤمن بن علي ... ولا خفاء أن هذه طبقة عالية.
ومن فصول رسالته التي كتب بها عن أبي حفص، وهي التي أورثته الرتبة العلية السنية، والوزارة الموحدية المؤمنية، قوله (١) :
كتابنا هذا من وادي ماسة بعد ما تجدد من أمر الله الكريم، ونصر الله تعالى المعهود المعلوم {وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم}(آل عمران: ١٢٦) فتح بهر الأنوار إشراقاً، وأحدق بنفوس المؤمنين إحداقاً، ونبه للأماني النائمة جفوناً وإحداقا، واستغرق غاية الشكر استغراقاً، فلا تطيق الألسن لكنه وصفه إدراكاً ولا لحاقاً، جمع أشتات الطلب والأرب، وتقلب في النعم أكرم منقلب، وملأ دلاء الأمل إلى عقد الكرب:
فتح تفتح أبواب السماء له ... وتبرز الأرض في أثوابها القشب وتقدمت بشارتنا به جملة، حين لم تعط الحال بشرحه مهلة، كان أولئك الضالون المرتدون قد بطروا عدواناً وظلماً، واقتطعوا الكفر معنى واسماً، وأملى لهم الله تعالى ليزدادوا إثماً، وكان مقدمهم الشقي قد استمال النفوس بخزعبلاته، واستهوى القلوب بمهولاته، ونصب له الشيطان من حبالاته، فأتته المخاطبات من بعد وكثب، ونسلت إليه الرسل من كل حدب، واعتقدته الخواطر أعجب عجب، وكان الذي قادهم إلى ذلك، وأوردهم تلك المهالك، وصول من كان بتلك السواحل ممن ارتسم برسم الانقطاع عن الناس فيما سلف عن الأعوام، واشتغل على زعمه بالقيام والصيام، آناء الليالي والأيام، لبسوا الناموس أثواباً، وتدرعوا الرياء جلباباً، فلم يفتح الله تعالى لهم للتوفيق باباً.