للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في الإحاطة في ترجمة مولاي الجد بعد ذكره أوليته ما صورته:

حاله: هذا الرجل مشار إليه بالعدوة الغربية اجتهاداً ودؤوباً (١) وحفظاً وعناية واطلاعاً ونقلاً ونزاهة، سليم الصدر، قريب الغور، صادق القول، مسلوب التصنع، كثير الهشة، مفرط الخفة، ظاهر السذاجة، ذاهب أقصى مذاهب التخلق، محافظ على العمل، مثابر على الانقطاع، حريص على العبادة، مضايق في العقد والتوجه، يكابد من تحصيل النية بالوجه واليدين مشقة، ثم يغافص الوقت فيها ويوقعها دفعة متبعاً إياها زعقة التكبير برجفة ينبو عنها سمع من لم تؤنسه بها العادة بما هو دليل على حسن المعاملة وإرسال السجية، قديم النعمة متصل الخيرية، مكب على النظر والدرس والقراءة، معلوم الصيانة والعدالة، منصف في المذاكرة، حاسر للذراع عند المباحثة، راحب عن الصدر في وطيس المناقشة، غير مختار للقرن ولا ضان بالفائدة، كثير الالتفات متقلب الحدقة، جهير بالحجة بعيد عن المراء والمباهتة (٢) ، قائل بفضل أولي الفضل من الطلبة، يقوم أتم القيام على العربية والفقه والتفسير ويحفظ الحديث ويتهجر بحفظ التاريخ والأخبار والآداب، ويشارك مشاركة فاضلة في الأصلين والجدل والمنطق، ويكتب ويشعر (٣) مصيباً غرض الإجادة، ويتكلم في طريقة الصوفية كلام أرباب المقال ويعتني بالتدوين فيها، شرق وحج ولقي جلة واضطبن (٤) رحلة مفيدة، ثم عاد إلى بلده فأقرأ به واقطع إلى خدمة العلم، فلما ولي ملك المغرب السلطان محالف الصنع ونشيدة الملك وأثير الله من بين القرابة والاخوة أمير المؤمنين أبو عنان اجتذبه، وخلطه بنفسه واشتمل عليه وولاه قضاء الجماعة بمدينة فاس، فاستقل بذلك أعظم الاستقلال، وأنفذ الحق وألان الكلمة وآثر التسديد وحمل الكل وخفض الجناح،


(١) ق: ودينا.
(٢) ق: والمباهاة.
(٣) ويشعر: سقطت من ق.
(٤) اضطبن: احتقب.

<<  <  ج: ص:  >  >>