للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكريم يخص مقامكم الأعلى، ومثابتكم الفضلى، ورحمة الله تعالى وبركاته، في الحادي والعشرين لجمادى الآخرة من عام سبعة وخمسين وسبعمائة؛ انتهى كلام ابن الخطيب في الإحاطة.

وذكر في الريحانة أنه كتب في هذا الغرض ما نصه:

" وإلى هذا فإننا وقفنا على كتابكم الكريم في شأن الشيخ الصالح الفقيه الفاضل أبي عبد الله المقري وفقنا الله وإياه لما يزلف لديه، وهدانا إلى ما يقرب إليه، وما بلغكم بتقاعده بمالقة، وما أشرتم به في أمره، فاستوفينا جميع ما قررتم، واستوعبنا ما أجملتم في ذلك وفسرتم، وعلموا يا محل والدنا أمتعنا الله ببقائكم الذي في ضمنه اتصال السعادة، وتعرف النعم المعادة أننا لما انصرف عن بابنا هو ومن رافقه عن انشراح صدور، وتكييف جذل بما تفضلتم به وسرور، تعرفنا أنه تقاعد بمالقة عن صحبه، وأظهر الاشتغال بما عند ربه، وصرف الوجه إلى التخلي مشفقاً من ذنبه، واحتج بأن قصده ليس له سبب، ولا تعين له في الدنيا أرب، وأنه عرض عليكم أن تسمحوا له فيما ذهب إليه، وتقروه عليه، فيعجل البدار، ويمهد تحت إيالتكم القرار، فلما بلغنا هذا الخبر، لم يخلق الله عندنا به مبالاة تعتبر، ولا أعددناه فيما يذكر، فكيف فيما ينكر، وقطعنا أن الأمر فيه هين، وأن مثل هذا الغرض لا تلفت إليه عين، فإن بابكم غني من طبقات أولي الكمال، ملي بتسويغ الآمال، موفور الرجال، معمور بالفقهاء العارفين بأحكام الحرام والحلال، والصلحاء أولي المقامات والأحوال، والأدباء فرسان الروية والارتجال، ولم ينقص بفقدان الحصى أعداد الرمال، ولا يستكثر بالقطرة جيش العارض المنثال، مع ما علم من إعانتكم على مثل هذه الأعمال، واستمساككم بإسعاف غرض من صرف وجهه إلى ذي الجلال، ولو علمنا أن شيئاً يهجس في الخاطر من أمر مقامه، لقابلناه بعلاج سقامه.

" ثم لم ينشب أن تلاحق بحضرتنا بارزاً في طور التقلل والتخفيف، خالطاً

<<  <  ج: ص:  >  >>