للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما وقف الرفيقان أبو عبد الله محمد بن عمر بن رشيد الفهري ومجمد بن عبد الرحمن بن الحكيم الرندي في رحلتهما على قبر السعيد بعباد تلمسان تناول ابن الحكيم فحمة ثم كتب بها على جدار هناك:

انظر ففي إليك اليوم معتبر ... إن كنت ممن بعين الفكر قد لحظا

بالأمس أدعى سعيداً، والورى خولي ... واليوم يدعى سعيداً من بي اتعظا قال ابن حكم: كان أول اتصالي بالأستاذ أبي عبد الله ابن آجروم أني دخلت عليه وقد حفظت بعض كتاب المفصل فوجدت الطلبة يعرفون بيت يديه هذا البيت (١) :

عهدي به الحي الجميع وفيهم ... قبل التفرق ميسر وندام وقد عُمي عليهم خبر " عهدي " فقلت له: قد سدت الحال وهي الجملة بعده مسده، فقال لي بعض الطلبة: وهل يكون هذا في الجملة كما كان في قولك: " ضربي زيداً قائماً " قلت له: نعم، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ".

ذكر أبو زيد ابن الإمام يوماً في مجلسه أنه سئل بالمشرق عن هاتين الشرطيتين {ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون} (الأنفال: ٢٣) فإنهما تستلزمان بحكم الإنتاج لو علم الله فيهم خيراً لتولوا، وهو محال، ثم أراد أن يرى ما عند الحاضرين، فقال ابن حكم: قال ابن الخونجي: والإهمال بإطلاق لفظ لو وإن في المتصلة، فهاتان القضيتان على هذا مهملتان، والمهملة في قوة الجزئية، ولا قياس عن جزئيتين. فلما اجتمعت ببجاية أبي علي حسين بن حسين وأخبرته بهذا، وبما أجاب به الزمخشري وغيره، مما يرجع إلى انتفاء تكرر الوسط، قال لي: الجوابان في المعنى سواء، لأن القياس على


(١) البيت للبيد، ديوانه: ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>