للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بناء الآخرة لقراءة الواو، فقلت: امنع ولا تسند فيقال لك: إن المعاني قد تختلف باختلاف الحروف، وإن كان السند لا يسمع الكلام عليه، وأكثر ما وجدت الفاء تنتهي في كلامهم إلى هذا العدد، سواء بهذا الشرط وبدونه، كقول نوح عليه السلام: " فعلى الله توكلت - الآية " وكقول امرئ القيس:

غشيت ديار الحي بالبكرات ... البيتين (١) ، لا يقال: فالجب سابع، لأنا نقول: إنه عطف على عاقل المجرد منها، ولعل حكمة الستة أنها أول الأعداد التامة كما قيل في حكمة خلق السموات والأرض فيها، وشأن اللسان عجيب.

وقوله في هذا البيت فحب لغة قليلة جرى عليها محبوب كثيراً، حتى استغني به عن محب، فلا تكاد تجده إلا في قول عنترة:

ولقد نزلت فلا تظني غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم ونظيره محسوس من حس والأكثر أحس ولا تكاد تجد محساً، وهذا التوجيه أحسن من قول القرافي في " شرح التنقيح ": إنهم أجروا محسوسات مجرى معلومات لأن الحس أحد طرق العلم.

سمعت ابن حكم يقول: بعث بعض أدباء فاس إلى صاحب له:

ابعث إلي بشيء ... مدار فاس عليه

وليس عندك شيء ... مما أشير إليه فبعث إليه ببطة من مري (٢) ، يشير بذلك إلى الرياء.


(١) هما قول أمرئ القيس:
غشيت ديار الحي بالبكرات ... فعارمة فبرقة العيرات
فغول فحليت فأكناف منعج ... إلى عاقل فالجب ذي الأمرات (٢) قد شرحنا من قبل لفظة " مري " (ج ٣: ٩٢) وأما " البطة " فهي إناء كالقارورة يعمل على شكل بطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>