للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت يوماً مع القاسم بن محمد الصنهاجي، فوردت عليه طومارة من قبل القاضي أبي الحجاج الطرطوشي فيها:

خيرات ما تحويه مبذولة ... ومطلبي تصحيف مقلوبها فقال لي: ما مطلبه فقلت: نارنج.

دخل على الآبلي (١) وأنا عنده بتلمسان الشيخ أبو عبد الله الدباغ المالقي المتطبب فأخبرنا أن أديباً استجدى وزيراً بهذا الشطر:

ثم حبيب قلما ينصف ... فأخذته فكتبته، ثم قلبته وصحفته، فإذا هو: قصبتا ملف شحمي.

ومر الدباغ يوماً علينا بفاس، فدعاه الشيخ، فلباه، فقال: حدثنا بحديث اللظافة، فقال: نعم، حدثني أبو زكريا ابن السراج الكاتب بسلجمانة أن أبا إسحاق التلمساني وصهره مالك بن المرحل، وكان ابن السراج قد لقيهما، اصطحبا في مسير، فآواهما الليل إلى مشجر، فسألا عن طالبه، فدلا، فاستضافاه، فأضافهما، فبسط قطيفة بيضاء، ثم عطف عليهما بخبز ولبن، وقال لهما. استعملا من هذه اللظافة حتى يحضر عشاؤكما، وانصرف، فتحاورا في اسم اللظافة لأي شيء هو منهما حتى ناما، فلم يرع أبا إسحاق إلا مالك يوقظه ويقول: قد وجدت اللظافة، قال: كيف قال: أبعدت في طلبها حتى وقعت بما لم يمر قط على مسمع هذا البدوي فضلاً عن أن يراه، ثم رجعت القهقرى حتى وقعت على قول النابغة:

بمخضب رخص كأن بنانه ... عنم يكاد من اللطافة يعقد فسنح لبالي أنه وجد اللطافة، وعليها مكتوب بالخط الرقيق اللين، فجعل


(١) قارن بما في نيل الابتهاج: ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>