للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومضى الجيش إلى تدمير، وتدمير: اسم العلج صاحبها، سميت به، واسم قصبتها أريولة، ولها شأن في المنعة، وكان ملكها علجاً داهية، وقاتلهم مضحياً (١) ، ثمّ استمرت عليه الهزيمة في فحصها، فبلغ السيف في أهلها مبلغاً عظيماً أفنى أكثرهم ولجأ العلج إلى أريولة في يسير من أصحابه لا يغنون شيئاً، فأمر النساء بنشر الشعور وحمل القصب والظهور على السور في زيّ القتال متشبهات بالرجال، وتصدر قدّامهن في بقية أصحابه يغالط المسلمين في قوته على الدفاع عن نفسه، فكره المسلمون مراسه لكثرة من عاينوه على السور، وعرضوا عليه الصلح، فأظهر الميل إليه، ونكّر زيه، فنزل إليهم بأمان على أنّه رسول، فصالحهم على أهل بلده، ثمّ على نفسه، وتوثق منهم، فلمّا تمّ له من ذلك ما أراد عرّفهم بنفسه، واعتذر إليهم بالإبقاء على قومه، وأخذهم بالوفاء بعهده، وأدخلهم المدينة، فلم يجدوا فيها إلاّ العيال والذرّية، فندموا على الذي أعطوه من الأمان، واسترجحوه فيما احتال به، ومضوا على الوفاء له، وكان الوفاء عادتهم، فسلمت كورة تدمير من معرّة المسلمين بتدبير تدمير، وصارت كلّها صلحاً ليس فيها عنوة، وكتبوا إلى أميرهم طارق بالفتح، وخلفوا بقصبة البلد رجالاً منهم، ومضى معظمهم (٢) إلى أميرهم لفتح طليطلة.

قال ابن حيّان: وانتهى طارق إلى طليطلة دار مملكة القوط، فألفاها خالية قد فرّ أهلها عنها (٣) ولجأوا إلى مدينة بها خلف الجبل، فضم اليهود إلى طليطلة، وخلف بها رجالاً من أصحابه (٤) ، ومضى خلف من فر من أهل طليطلة فسلك إلى وادي (٥) الحجارة، ثم استقبل الجبل فقطعه من فج سمّي به


(١) ق ك ط ج ودوزي: مصحياً، واللفظة تحتاج تصويباً، واقترح مراجع ط. ليدن أن تقرأ " مضحياً " بمعنى " في وقت الضحى ".
(٢) ق ط ج: المعظم.
(٣) ك: عنها أهلها.
(٤) من أصحابه: سقطت من ق.
(٥) ك: فسلك وادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>