للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو رأى وجه حبيبي عاذلي ... لتفاصلنا على وجه جميل (١) وقال رحمه الله تعالى: قال لي محمد بن داود بن المكتب قال لي بلال الحبشي خادم الشيخ ابن مدين (٢) : كان الشيخ كثيراُ ما ينشد هذا البيت:

الله قل وذر الوجود وما حوى ... إن كنت مرتاداً بصدق مراد وقال رحمه الله تعالى: دخلت على عبد الرحمن بن عفان الجزولي (٣) ، وهو يجود بنفسه، وكنت قد رأيته قبل ذلك معافى، فسألته عن السبب، فأخبرني أنه خرج إلى لقاء السلطان، فسقط عن دابته، فتداعت أركانه، فقلت: ما حملك أن تتكلف مثل هذا في ارتفاع سنك فقال: حب الرياسة آخر ما يخرج من قلوب الصديقين.

وقال رحمه الله تعالى: قال لي محمد بن مرزوق: قال لي بعض أصحاب أبي إسحاق الطيار دفين عباد تلمسان: إن أبا إسحاق أقام خمساً وعشرين سنة لا ينام إلا قاعداً، فسألت ابن مرزوق: لم لقب بالطيار فحدثني عن بعض أصحابه أنه نشر ذات يوم ثوبه في الشمس على بعض السطوح، ثم قعد هنالك، فمر به رجل فقال له: طر، فقال: أعن أمرك قال: نعم، فطار حتى وقع على الأرض وما به من باس، فقال الجد رحمه الله تعالى بعد هذا ما نصه: فقلت: إذا ما صار الحق للعبد سمعاً وبصراُ فسمع به وأبصر أصاخ إلى الأحوال، واجتلى المعاني، فيرى من غير مبصر، ويسمع من غبر ناطق، كما قال الشيخ أبو عبد الله الشوذي (٤) الحلوي دفين تلمسان:


(١) ق: مليح.
(٢) ترجمة بلال خادم الشيخ أبي مدين في أنس الفقير: ٩٣، وانظر ما تقدم ص: ٢٤٢.
(٣) ترجمة عبد الرحمن الجوزلي في نيل الابتهاج: ١٢٩ وفيه ما جاء هنا نقلا عن المقري الجد. والسلطان الذي خرج للقائه هو أبو الحسن المريني، وكانت وفاة الجزولي بعد موقعة طريف سنة ٧٤١.
(٤) تنسب إليه الشوذية وكان في أول أمره من فقهاء مرسية ثم التف حوله أمثال عزيز بن خطاب وحازم وأبي المطرف وغيرهم. والشوذية طريقة صوفية تشبه طريقة ابن عربي إلا أنها أكثر إيجابية، وقد تورط أصحابها في السياسة وقالوا بأن العلوم الشرعية غير صحيحة في ذاتها، ولذلك وجدوا مقاومة شديدة، وحمل عليهم ابن خلدون ولسان الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>