للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بلاد البربر وعرّفوه بشأنهم، ووقف على ما خاطبه به طارق في ذمّتهم وسابقتهم، فأنفذهم إلى أمير المؤمنين الوليد بالشام بدمشق، وكتب إليه بما عرفه به طارق من جميل أثرهم، فلمّا وصلوا إلى الوليد أكرمهم وأنفذ لهم عهد طارق في ضياع والدهم، وعقد لكل واحد منهم سجلاًّ، وجعل لهم أن لا يقوموا لداخلٍ عليهم، فقدموا الأندلس، وحازوا ضياع والدهم أجمع، واقتسموها على موافقة منهم، فصار منهم لكبيرهم ألمند (١) ألف ضيعة في غرب الأندلس، فسكن من أجلها إشبيلية مقترباً منها، وصار لأرطباش (٢) ألف ضيعة، وهو تلوه في السن، وضياعه في موسطة الأندلس، فسكن من أجلها قطرطبة، وصار لثالثهم وقلة (٣) ألف ضيعة في شرقي الأندلس وجهة الثغر، فسكن من أجلها مدينة طليطلة، فكانوا على هذه الحال صدر الدولة العربية، إلى أن هلك ألمند كبيرهم، وتخّلف (٤) ابنته سارة المعروفة بالقوطية وابنين صغيرين، فبسط يده أرطباش على ضياعهم، وضمها إلى ضياعه، وذلك في خلافة أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك، فأنشأت سارة بنت ألمند مركباً بإشبيلية حصيناً كامل العدة، وركبت فيه مع أخويها الصغيرين تريد الشام حتى نزلت بعسقلان من ساحلها ثمّ قصدت باب الخليفة هشام بداره بدمشق، فأنهت خبرها، وشكت ظلامتها من عمّها واستعدت عليه (٥) ، واحتجت بالعهد المنعقد لأبيها وأخويه (٦) على الخليفة الوليد بن عبد الملك، فأوصلها هشام إلى نفسه، وأعجبه صورتها (٧) وحزمها،


(١) ألمند: (Olmundo) .
(٢) أرطباس ويكتب أحياناً " أرطبان " وهو أردبست بن غيطشة: (Ardabast) .
(٣) دوزي: رمله على أنها تعريب (Romulus) وكذلك هي عند ابن القوطية ولكن يبدو أن الصواب " وقلة " وهو تعريب أخيلا: (Aquila) .
(٤) ك: وخلف.
(٥) ك: وتعديه عليها.
(٦) ق ك ط ج: وإخوته.
(٧) صورتها: ليست كذلك في النسخ وإنما وردت في ق ط: ضروها، وفي أصول أخرى: ضروهما، صرمها؛ ولعل الأخيرة أصوب بمعنى " الحزم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>