للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب إلى حنظلة بن صفوان عامله بإفريقية بإنصافها من عمّها أرطباش وإمضائها وأخويها (١) على سنّة الميراث فيما كان في يد والدها ممّا قاسم فيه أخويه، فأنفذ لها الكتاب بذلك إلى عامله بالأندلس أبي الخطار ابن عمّه، فتم لها ذلك وأنكحها الخليفة هشام من عيسى بن مزاحم (٢) ، فابتنى بها بالشام، ثم قدم بها إلى الأندلس، وقام لها في دفاع عمها أرطباش عن ضياعها، فنال بها نعمة عظيمة، وولد له منها ولداه إبراهيم وإسحاق فأدركا الشرف المؤثّل والرياسة بإشبيلية، وشهرا ونسلهما بالنسبة إلى أمهما سارة القوطية. وكانت أيام وفادتها على الخليفة هشام رأت عنده حفيده عبد الرحمن بن معاوية الداخل بعد إلى الأندلس، وعرفها، فتوسّلت بذلك (٣) إليه لمّا ملك الأندلس ووفدت إليه، فاعترف بذمامها وأكرمها، وأذن لها في الدخول إلى قصره متى جاءت إلى قرطبة فيجدّد تكرمتها ولا يحجب عياله منها، وتوفّي زوجها عيسى (٤) في السنة التي ملك فيها عبد الرحمن الأندلس، فزوّجها عبد الرحمن من عمير بن سعيد.

وكان لها ولأبيها ألمند وعمّها أرطباش في صدر الدولة العربية بالأندلس أخبارٌ ملوكية: فمنها ما حكاه الفقيه محمد بن عمر بن لبابة المالكي (٥) أنّه قصد أرطباش يوماً إلى منزله عشرة من رؤساء رجال الشاميين فيهم الصّميل وابن الطّفيل وأبو عبدة وغيرهم، فأجلسهم على الكراسي، وبالغ في تكريمهم، ودخل على أثرهم ميمون العابد جد بني حزم، وكان في عداد الشاميين، إلاّ أنّه كان شديد الانقباض عنهم لزهده وورعه، فلمّا بصر به أرطباش قام إليه دونهم إعظاماً، ورقاه إلى كرسيه الذي كان يجلس عليه، وكان ملبّساً صفائح الذهب، وجذبه


(١) ق ك ط: وإخوتها.
(٢) عيسى بن مزاحم: من موالي عمر بن عبد العزيز؛ انظر ترجمة ابن القوطية في ابن خلكان ٤: ٤ - ٦ وفيه خبر سارة القوطية في إيجاز.
(٣) بذلك: سقطت من ك.
(٤) عيسى: سقطت من ق.
(٥) انظر هذا الخبر في ابن القوطية: ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>