للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميع ما يأكل أهل الجنة غذاء

الرزية كل الرزية، تضييع أمر المرأة الرندية، وذلك لأنه وردت على تلمسان في العشرة الخامسة من المائة الثامنة امرأة من رندة لا تأكل ولا تشرب ولا تبول ولا تتغوط وتحيض، فلما اشتهر هذا من أمرها أنكره الفقيه أبو موسى ابن الإمام، وتلا " كانا يأكلان الطعام " فأخذ الناس يبثون ثقات نسائهم ودهاتهن إليها، فكشفن عنها بكل وجه يمكنهن، فلم يقفن على غير ما ذكر، وسئلت: هل تشتهين الطعام فقالت: هل تشتهون التبن بين يدي الدواب وسئلت: هل يأتيها شيء فأخبرت أنها صامت ذات يوم فأدركها الجوع والعطش، فنامت فأتاها آت في النوم بطعام وشراب، فأكلت وشربت، فلما أفاقت وجدت نفسها قد استغنت، فهي على تلك الحال، تؤتى في المنام بالطعام والشراب إلى الآن، ولقد جعلها السلطان في موضع بقصره وحفظها بالعدول ومن يكشف عما عسى تجيء أمها به إذا أتت أربعين يوماً، فلم بوقف لها على أمر، بيد أني أردت أن يزاد في عدد العدول، ويجمع إليهم الأطباء، ومن يخوض في المعقولات من علماء الملل المسلمين وغيرهم، ويوكل من نساء الفرق من يبالغ في كشف من يدخل إليها، ولا يترك أحد يخلو بها، وبالجملة يبالغ في ذلك، ويستدام رعيها عليه سنة، لاحتمال أن يغلب عليها طبع فتستغني في فصل دون فصل، ثم يكتب هذا في العقود، ويشاع أمره في العالم، وذلك لأنه يهدم حكم الطبيعة الذي هو أضر الأحكام على الشريعة، ويبين كيفية غذاء أهل الجنة، وأن الحيض ليس من فضلات الغذاء، ويبطل التأثير والتولد، ويوجب أن الاقترانات بالعادات، لا باللزوم، وعند الأسباب، لا بها، إلى غير ذلك، إلا أني لما أشرت انقسم من أشرت عليه بتبليغه إلى من لم يفهم ما قلت، ومن لم يرفع به رأساً، لإيثار الدنيا على الدين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد ذكر أن امرأة أخرى كانت معها على تلك الحالة، وحدثني غير واحد

<<  <  ج: ص:  >  >>