للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أخوه أبو عبد الله محمد (١) فهو الكاتب المجيد، أعجوبة الزمان، وتوفي بفاس رحمه الله تعالى عام ثمانية وخمسين وسبعمائة، وقيل - وهو الصواب -: إن وفاته آخر شوال من السنة قبلها حسبما ألفيته بخط بعض أكابر الثقات بداره من البيضاء، وهي فاس الجديدة، قرب مغرب يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شوال من عام سبعة وخمسين وسبعمائة، وكان دفنه يوم الأربعاء بعد صلاة العصر وراء الحائط الشرقي الذي بالجامع الأعظم من المدينة البيضاء، وكان مولده في شوال من عام واحد وعشرين وسبعمائة؛ انتهى.

قال الأمير ابن الأحمر في نثير الجمان: أدركته ورأيته، وهو من أهل بلدنا غرناطة، وكان أبوه أبو القاسم محمد أحد المفتين بها عالم الأندلس الطائرة فتياه منها إلى طرابلس، وقتل شهيداً بطريف بعد أن أبلى بلاء حسناً، وأبو عبد الله ابنه هذا كتب بالأندلس في حضرة ابن عم أبينا أمير المسلمين أبي الحجاج يوسف، وله فيه أمداح عجيبة، ولم يزل كاتباً في الحضرة الأحمرية النصرية إلى أن امتحنه أمير المسلمين أبو الحجاج؛ انتهى.

ويعني ابن الأحمر بهذا الامتحان أنه ضربه بالسياط، من غير ذنب اقترفه بل ظلمه ظلماً مبيناً، هكذا ألفيته في بعض المقيدات.

ثم قال ابن الأحمر: فقوض الرحال عن الأندلس، واستقر بالعدوة، فكتب بالحضرة المرينية لأمير المسلمين أبي عنان، إلى أن توفي بها رحمه الله تعالى. وكان رحمه الله تعالى طلع في سماء العلوم بدراً مشرقاً، وسارت براعته مشرقاً ومغرباً، وسما بشعره فوق الفرقدين، كما أربى بنثره على الشعرى والبطين، له باع مديد في التاريخ واللغة والحساب، والنحو والبيان والآداب، بصير بالفروع والأصول والحديث، عارف بالماضي من الشعر والحديث،


(١) ترجمة أبي عبد الله ابن جزي في الإحاطة ٢: ١٨٦ وأزهار الرياض ٣: ١٨٩ ونثير الفرائد: ٢٩٢ (رقم: ٨) والكتيبة الكمامنة: ٢٢٣ ونثير الجمان، الورقة: ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>