للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صل لسانه في الهجاء لسع، ونجاد نطاقه في ذلك اتسع، حتى صدمني، وعلى القول فيه أقدمني، بسبب هجوه في ابن عمي ملك الصقع الأندلسي، سلطان ذلك الوطن في النفر الجنسي، المعظم في الملوك بالقول الجني والإنسي، ثم صفحت عنه صفحة القادر، الوارد من مياه الظفر غير القاذر، لأن مثلي لا يليق به إظهار العورات، ولا يجمل له تتبع العثرات، اتباعاً للشرع في تحريم الغيبة، وضرباً عن الكريهة وإثباتاً لحظوظ النقيبة الرغيبة، فما ضره لواشتغل بذنوبه، وتأسف على ما شربه من ماء اللهو بذنوبه (١) ، وقد قال بعض الناس: من تعرض للأعراض، صار عرضه هدفاً لسهام الأغراض؛ انتهى.

ومثل هذا في لسان الدين لا يقدح، وما زالت الأشراف تهجى وتمدح (١) ، وعلى تقدير صدور ما يخدش وجه جنابه الرفيع، فالأولى أن ينشد:

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع وممن أثنى على لسان الدين ابن الخطيب - رحمه الله تعالى - بعض أكابر علماء تلمسان، ولم يحضرني الآن اسمه، في تأليف عرف فيه بالشيخ العلامة سيدي أبي عبد الله الشريف التلمساني وابنيه العالمين أبي يحيى وسيدي عبد الله، فقال بعد كلام في حق الشريف ما نصه: وكان علماء الأندلس أعرف الناس بقدره، وأكثرهم تعظيماً له حتى إن العالم الشهير لسان الدين ابن الخطيب صاحب الأنباء العجيبة، والتآليف البديعة، كلما ألف تأليفاً بعثه إليه، وعرضه عليه، وطلب أن يكتب عليه بخطه، وكان الشيخ الإمام الصدر المفتي أبوسعيد ابن لب شيخ علماء الأندلس وآخرهم كلما أشكلت عليه مسألة كاتبه بها، وطلب منه بيان ما أشكل عليه، مقراً له بالفضل؛ انتهى ما نقلته من الكتاب المذكور.


(١) الذنوب: الدلو.
(١) الذنوب: الدلو.

<<  <  ج: ص:  >  >>