للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممّا يستولي على الخواطر، ويروي رياض الأفكار بسحب بلاغته المواطر، قوله - رحمه الله تعالى - يخاطب أبا الحسن الرّعيني سنة ٦٣٤ (١) :

يا صاحبي والدهر لولا كرّةٍ ... منه على حفظ الذّمام ذميم

أمنازعي أنت الحديث؟ فإنّه ... ما فيه لا لغوٌ ولا تأثيم

ومروّضٌ مرعى مناي فنبته ... من طول إخلاف الغيوم هشيم

طال اعتباري بالزمان، وإنّما ... داء الزمان كما علمت قديم

مجفوّ حظّ لا ينادى ثم لا ... ينفكّ عنه الحذف والترخيم

وأرى إمالته تدوم وقصره ... فعلام يلغى المدّ والتفخيم

وعلام أدعو والجواب كأنّما ... فيه بنصٍّ قد أتى التحريم

لم ألق إلاّ مقعداً، غير الأسى ... فلديّ منه مقعدٌ ومقيم

وشرابي الهمّ المعتّق خالصاً ... فمتى يساعدني عليه نديم

غارات أيّامي عليّ خوارج ... قعديّها في طبعها التحكيم

ولواعجٌ يحتاج صالي حرّها ... أمراً به قد خصّ إبراهيم

ولقد أقول لصاحبٍ هو بالذي ... أدركت من علم الزمان عليم

لا يأس من روح الإله وإن قست ... يوماً قلوب الخلق فهو رحيم ويهزني، ويستفزني، ما كتبه - رحمه الله تعالى - من رسالة:

كتبته إلى سيدي وهو السيد حقيقة، وأخي وقد كتب الدهر بذلك وثيقة، أبقى الله تعالى جلاله محروساً، وربع وفائه لا يخشى دروساً، وحب فيه خالص كريم، ووصلني خطابه الخطير المبرور، فكنت به كالصّائم رأى الهلال،


(١) هو علي بن محمد بن علي بن الفخار أبو الحسن الرعيني (٥٩٢ - ٦٦٦) راجع ترجمته في الذيل والتكملة ٥: ٣٢٣ ومقدمة كتابه " برنامج شيوخ الرعيني " تحقيق الأستاذ إبراهيم شبوح (دمشق ١٩٦٢) والأبيات في الذيل: ٣٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>