للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجرى وفق إرادتك وإرادتي لك جاريات الأقدار - ما سنح به الذهن الكليل، واللسان الفليل، في مراجعة قصيدتك الغراء، الجالبة السراء، الآخذة بمجامع القلوب، الموفية بجوامع المطلوب، الحسنة المهيع والأسلوب، الكتحلية بالحلى السنية، العريقة المنتسب في العلا الحسنية، الجالية لصدإ القلوب ران عليها الكسل، وخانها المسعدان السؤل والأمل، فمتى حامت المعاني حولها، ولوأقامت حولها، شكت ويلها وعولها، وحرمت من فريضة الفضيلة عولها، وعهدي بها والزمان زمان، وأحكامها الماضية أماني مقضية وأمان، تتوارد ألافها، ويجمع إجماعها وخلافها، ويساعدها من الألفاظ كل سهل ممتنع، مفترق مجتمع، مستأنس غريب، بعيد الغور قريب، فاضح الحلى، واضح العلا، وضاح الغرة والجبين، رافع عمود الصبح المبين، أيد من الفصاحة بأياد، فلم يحفل بصاحبي طيئ وإياد، وكسي (١) نصاعة البلاغة، فلم يعبأ بهمام وابن المراغة، شفاء المحزون، وعلم سر المحزون، ما بين منثوره والموزون، والآن لا ملهج ولا مبهج، ولا مرشد ولا منهج، عكست القضايا فلم تنتج، فتبلد القلب الذكي، ولم يرشح القلم الزكي، وعم الإفحام وغم الإحجام، وتمكن الإكداء والجبال، وكورت الشمس وسيرت الجبال، وعلت سآمة، وغلبت ندامة، وارتفعت ملامة، وقامت لنوعي الأدرب قيامة، حتى إذا ورد ذلك المهرق، وفرع غصنه المورق، وتغنى به الحمام الأورق، وأحاط بعداد عداته الغصص والشرق، وأمن من ذلك الغصب والسرق، وأقبل الامن وذهب لإقباله الفرق، نفخ في صور أهل المنظوم والمنثور، وبعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور، وتراءت للأدب صور، وعمرت ببلاغة كور، وهممت لليراعة درر، ونظمت البراعة درر، وعندها تبين أنك واحد حلبة البيان، والسابق في ذلك الميدان يوم البرهان، فكان لك القدم، وأقر لك مع التأخر السابق الأقدم، فوحق نصاعة ألفاظ أجدتها حين أورتها، وأسلتها


(١) ق: ونسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>