للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين أرسلتها، وأزنتها حين وزنتها، وبراعة معان سلكتها حين ملكتها، وأرويتها حين رويتها أو رويتها (١) ، وأصلتها حين فصلتها أووصلتها، ونظام جعلته بجسد البيان قلباً، ولمعصمه قلباً، وهصرت حدائقه غلباً، وارتكبت رويه صعباً (٢) ، ونثار أتبعته له خديماً، وصيرته لمدير كأسه نديماً، ولحفظه ذمامه المدامي أومدامه الذمامي مديماً، لقد فتنتني حين أتتني، وسبتني حين اطبتني، فذهبت خفتها بوقاري، ولم يرعها بعد شيب عذاري، بل دعت للتصابي فقلت مرحبا، وحلت لفتنتها الحبا، ولم أحفل بشيب، وألفيت ما رد تصابي نصيب (٣) ، وإن كنا فرسان رهان، وسابقي حلبة ميدان، غير أن الجلدة بيضاء، والمرجوالإغضاء بل الإرضاء، بني كيف رأيت لبيان هذا الطوع، والخروج فيه من نوع إلى نوع أين صفوان بن إدريس، ومحل دعواه بين رحلة وتعريس كم بين ثغاء بقر الفلاة وبين اليث ذي الفريس كما أني أعلم قطعاً علماً، وأحكم مضاء وأمضي حكماً، أنه لونظر إلى قصيدتك الرائقة، وفريدتك الحالية الفائقة، المعارضة بها قصيدته، المنتسخة بها فريدته، لذهب عرضاً وطولاً، ثم اعتقد لك اليد الطولى، وأقر فارتفع النزاع، وذهبت له تلك العلاقات والأطماع، ونسي كلمته اللؤلؤية، ورجع عن دعواه الأدبية، واستغفر ربه من تلك الألية. بني وهذا من ذلك الجري في تلك المسالك، والتبسط في تلك المآخذ والمتارك، أينزع غيري هذا المنزع أم المرء بنفسه وابنه مولع حيا الله الأدب وبنيه، وأعاد علينا من أيامه وسنيه، ما أعلى منازعه، وأكبى منازعه، وأجل مآخذه، وأجهل تاركه وأعلم آخذه، وأرق طباعه، وأحق أشياعه وأتباعه، وأبعد طريقه، وأسعد فريقه، وأقوم نهجه، وأوثق نسجه، وأسمج ألفاظه، وافصح عكاظه، وأصدق معانيه وألفاظه، وأحمد نظامه ونثاره،


(١) حين.... رويتها: سقطت من ق.
(٢) أشار إلى صعوبة القافية، وإن كانت همزية، وهي غير صعبة.
(٣) يشير إلى قول نصيب (الأغاني ١٦: ١٠٩:
ولولا أن يقال صبا نصيب ... لقلت بنفسي النشء الصغار

<<  <  ج: ص:  >  >>