للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الملام، وسمح بالعزيز المصون مبايع الملك العلام، وتكلم لسان الحديد الصامت وصمت إلا بذكر الله لسان الكلام، ووفت الأوتار بالأوتار، ووصل بالخطي ذرع الأبيض البتار، وسلطت النار على أربابها، وأذن الله تعالى في تبار تلك الأمة وتبابها، فنزلوا على حكم السيف آلافاً، بعد أن أتلفوا بالسلاح إتلافاً، واستوعب المقاتلة كتافاً، وقرنوا في الجدل أكتافاً أكتافاً، وحملت العقائل والخرائد، والولدان والولائد، إركاباً من فوق الظهور وإردافاً، وأقلت منها أأفلاك الحمول بدوراً تضيء من ليالي المحاق أسدافاً، وامتلأت الأيدي من المواهب والغنائم، بما لا يصوره حلم النائم، وتركت العوافي تتداعى إلى تلك الولائم، وتفنن من مطاعمها في الملائم، وشنت الغارات على حمص فجلت خارجها مغاراً، وكست كبار الروم بها صغاراً، وأجحرت أبطالها إجحاراً، واستاقت من النعم ما لا يقبل الحصر استبحاراً.

ولم يكن إلا أن عدل القسم، واستقل بالقفول العزيز الرسم، ووضح من التوفيق الوسم، فكانت الحركة إلى قاعدة جيان قيعة الظل الأبرد، ونسيجة المنوال المفرد، وكناس الغيد الخرد، وكرسي الإمارة، وبحر العمارة، ومهوى هوى الغيث الهتون، وحزب التين والزيتون، حيث خندق الجنة تدنولأهل النار مجانيه، وتشرق بشواطئ الأنهار إشراق الأزهار زهر مبانيه، والقلعة التي تختمت بنان شرفاتها بخواتيم النجوم، وهمت من دون سحابها البيض سحائب الغيث السجوم، والعقيلة التي أبدى الإسلام يوم طلاقها، وهجوم فراقها، سمة الوجوم لذلك الهجوم، فرمتها البلاد المسلمة بأفلاذ أكبادها الوادعة، وأجابت منادي دعوتك الصادقة الصادعة، وحبتها بالفادحة الفادعة، فغصت الربى والوهاد بالتكبير والتهليل، وتجاوبت الخيل بالصهيل، وانهالت الجموع المجاهدة في الله تعالى انهيال الكثيب المهيل، وفهمت نفوس العباد المجاهدة في الله تعالى حق الجهاد معاني التيسير من ربها والتسهيل، وسفرت الرايات عن المرأى الجميل، وأربت المحلات المسلمة على التأميل، ولما صبحتها

<<  <  ج: ص:  >  >>