للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النواصي المقبلة الغرر والأعلام المكتتبة الطرر، برز حاميتها مصحرين (١) ، وللحوزة المستباحة منتصرين، فكاثرهم من سرعان الأبطال رجل الدبا (٢) ، ونبت الوهاد والربى، فأقحموهم من وراء السور، وأسرعت أقلام الرماح في بسط عددهم المكسور، وتركت صرعاهم ولائم للنسور، ثم اقتحموا ربض المدينة الأعظم ففرعوه، وجدلوا من دافع عن أسواره وصرعوه، وأكواس الحتوف جرعوه، ولم يتصل أولى الناس بأخراهم، ويحمد بمخيم النصر العزيز سراهم، حتى خذل (٣) الكافر الصبر وأسلم الجلد، ونزل على المسلمين النصر فدخل البلد، وطاح في السيل الجارف الوالد منه والولد، وأتهم المطرف والمتلد، فكان هولاً بعيد الشناعة، وبعثاً كقيام الساعة، أعجل المجانيق عن الركوع والسجود، والسلالم عن مطاولة النجود، والأيدي عن ردم الخنادق والأغوار، والأكبش عن مناطحة الأسوار، والنفوط عن إصعاق الفجار، وعمد الحديد، ومعاول البأس الشديد، عن نقب الأبراج ونقض الأحجار، فهيلت الكثبان، وأبيد الشيب والشبان، وكسرت الصلبان، وفجع بهدم الكنائس الرهبان، وأهبطت النواقيس من مراقيها العالية وصروحها المتعالية، وخلعت ألسنتها الكاذبة، ونقل ما استطاعته الأيدي المجاذبة، وعجزت عن الأسلاب (٤) ذوات الظهور، وجلل الإسلام شعار العز والظهور، بما خلت عن مثله سوالف الدهور والأعوام والشهور، وأعرست الشهداء ومن النفوس المبيعة من الله تعالى نحل الصدقات والمهور، ومن بعد ذلك هدم السور، ومحيت عن محيطه المحكم السطور، وكاد يسير ذلك الجبل الذي اقتعدته ويدك ذلك الطور، ومن بعد ما خرب الوجار، عقرت الأشجار، وعفر المنار، وسلطت على بنات


(١) مصحرين: بارزين.
(٢) الرجل: الجماعة، والدبا: الجراد.
(٣) في ق: جذل، وصوبناه.
(٤) ق: الأشلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>