سيادة، وبالشر هوادة، واعلم أن حسن القيام بالشريعة يحسم عنك نكاية الخوارج، ويسموبك إلى المعارج، فإنها تقصد أنواع الخدع، وتوري بتغيير البدع، وأطلق على عدوك أيدي الأقوياء من الأكفاء، وألسنة اللفيف من الضعفاء، واستشعر عند نكثه شعار الوفاء.
ولتكن ثقتك بالله تعالى أكثر من ثقتك بقوة تجدها، وكتيبة تنجدها، فإن الإخلاص يمنحك قوى لا تكتسب، ويمهد لك مع الأوقات نصراً لا يحتسب.
والتمس أبداً سلم من سالمك بنفيس ما في يدك، وفضل حاصل يومك على منتظر غدك، فإن أبى وضحت محجتك، وقامت عليه للناس بذلك حجتك، فللنوفوس على الباغين ميل، ولها من جانبه نيل، واستهد في كل يوم سيرة من يناويك، واجتهد أن لا يوازيك في خير ولا يساويك، وأكذب بالخير ما يشيعه من مساويك، ولا تقبل من الإطراء إلا ما كان فيك فضل عن غطالته، وجد يزري على بطالته، ولا تلق المذنب بحميتك وسبك، واذكر عند حركة الغضب ذنوبك إلى ربك، ولا تنس أن رب المذنب أجلسك مجلس الفصل، وجعل في قبضتك رياش النصل. وتشاغل في هدنة الأيام بالاستعداد، واعلم ا، التراخي منذر بالاشتداد، ولا تهمل عرض ديوانك، واختبار أعوانك، وتحصين معاقلك وقلاعك. وعم إيالتك بحسن اطلاعك، ولا تشغل زمن الهدنة بلذاتك، فتجني في الشدة على ذاتك، ولا تطلق في دولتك ألسنة الكهانة والإرجاف، ومطاردة الآمال العجاف، فإنه يبعث سوء القول، ويفتح باب العول، وخذ على المدرسين والمتعلمين، والعلماء والمتكلمين، حمل الأحداث على الشكوك الخالجة والمزلات الوالجة، فإنه يفسد طباعهم، ويغري سباعهم، ويمد في مخالفة الملة باعهم، وسد سبيل الشفاعات فإنها تفسد عليك حسن الاختيار، ونفوس الخيار، وابذل في الأسرى من حسن ملكتك ما يرضي من ملكك رقابها، وقلدك وعقابها، وتلق بدء نهارك بذكر الله تعالى في ترفعك وابتذالك، واختم اليوم بمثل ذلك.