بخليفة الله الذي في كفه ... غيث يروض ساح كل جديب
المنتقى من طينة المجد الذي ... ما كان يوماً صرفه بمشوب
يرمي الصعاب بصعبه فيقودها ... ذللاً على حسب الهوى المرغوب
ويرى الحقائق من وراء حجابها ... لا فرق بين شهادة ومغيب
من آل عبد الحق حيث توشحت ... شعب العلا وربت بأي كثيب
أسد الشرى سرج الورى فمقامهم ... لله بين محارب وحروب
إما دعا الداعي وثوب صارخاً ... ثابوا واموا حومة التثويب
شهب ثواقب في سماء عجاجة ... مأثورها قد صح بالتجريب
ما شئت في آفاقها من رامح ... يبدو وكف بالنجيع خضيب
عجبت سيوفهم لشدة بأسهم ... فتبسمت والجو في تقطيب
نظموا بلبات العلا واستوسقوا ... كالرمح أنبوباً إلى أنبوب
تروي العوالي والمعالي عنهم ... أثر الندى المولود والمكسوب
من كل موثوق به إسناده ... بالقطع أو بالوضع غير معيب
فأبو عنان عن علي نصه ... للنقل عن عثمان عن يعقوب
جاءوا كما اتسق الحساب أصالة ... وغدا فذالك (١) ذلك المكتوب
متجسداً من جوهر النور الذي ... لم ترم يوماً شمسه بغروب
متألقاً من مطلع الحق الذي ... هو نور أبصار وسر قلوب
قل للزمان وقد تبسم ضاحكاً ... من بعد طول تجهم وقطوب
هي دعوة الحق التي أوضاعها ... جمعت من الآثار كل غريب
هي دعوة العدل الذي شمل الورى ... فالشاة لا تخشى اعتداء الذيب
لو أن كسرى الفرس أدرك فارساً ... ألقى إليه بتاجه المعصوب
لما حللت بأرضه مستملياً ... ما شئت من بر ومن ترحيب
(١) فذالك: جمع فذلكة وهي محصل الحساب.