للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نصبها في الهواء للفرسان يرسلون العصي إليها، والثيران التي أرسل عليها الأكلب الرومية تمسكها في صورة القرط من آذانا، وهي آخر النظم في الأغراض السلطانية، قصر الله تعالى ألسنتنا على ذكره، وشغلها به عن غيره:

شحطت وفود الليل بان به الوخط ... وعسكره الزنجي هم به القبط

أتاه وليد الصبح من بعد كبرة ... أيولد أجنا (١) ناحل الجسم مشمط

كأن النجوم الزهر أعشار سورة ... ومن خطرات الرجم أثناءها مط

وقد وردت نهر المجرة سحرة ... غوائص فيه مثلما تفعل البط

وقد جعلت تفلي بأنملها الفلا ... ويرسل منها في غدائره مشط

يجف عباب الليل عنها جواهراً ... فيكثر فيها النهب للحين واللقط

فسارت خيالاً مثلها، غير أنه ... من البث والشكوى يبين له لغط

سرت سلخ شهر في تلفت مقلة ... على قتب الاحلام تسمو وتنحط

لي الله من نفس شعاع ومهجة ... إذا قدحت لم يخب من زندها سقط

ونقطة قلب أصبحت منشأ الهوى ... وعن نقطة مفروضة ينشأ الخط (٢)

فأقسم لولا زاجر الشيب والنهى ... ونفس لغير الله ما خضعت قط

لريع لها الأحراس مني بطارق ... مفارقه شمط وأسيافه شمط

تناقله كوماء سامية الذرا ... ويقذفه شهم من النيق منحط

ولولا النهى لم تستهن سبل الهدى ... وكاد وزان الحق يدركه الغمط

ولولا عوادي الشيب لم يبرح الهوى ... يهيجه نوء على الرمل مختط

ولولا أمير المسلمين محمد ... لهالت بحار الروع واحتجب الشط

ينوب عن الإصباح إن مطل الدجى ... ويضمن سقي السرح إن عظم القحط


(١) الأجنأ - وهو مهموز الآخر - الأحدب.
(٢) قد مر بنا استخدام لسان الدين لمعارفه في الشعر، وهو هنا يظهر شيئاً من معرفته الهندسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>