تذكرني أنجادها ووهادها عهوداً مضت لي وهي خضر نواضر
إذ العيش صاف والزمان مساعد فلا العيش مملول ولا الدهر جائر
بحيث ليالينا كغض شبابنا وأيامنا سلك ونحن جواهر
ليالي كانت للشبيبة دولة بها ملك اللذات ناه وآمر
سلام على تلك العهود فإنها موارد أفراح تلتها مصادر
وأتذكر تلك الأيام، التي مرت كالأحلام، فأتمثل بقول بعض الأكابر الأعلام:
يا ديار السرور لا زال يبكي فيك إذ تضحك الرياض غمام
رب عيش صحبته فيك غض وعيون الفراق عنا نيام
في لياليٍ كأنهن أمانٍ في زمانٍ كأنه أحلام
وكأن الأوقات فيك كؤوس دائرات وأنسهن مدام
زمن مسعد وإلف وصول ومنى تستلذها الأوهام
وبقول الحائك الأمي، عندما يكثر شجوي وغمي:
لم أنس أياماً مضت وليالينا سلفت وعيشاً بالصريم تصرما
إذ نحن لا نخشى الرقيب ولم نخف صرف الزمان ولا نطيع اللوما
والعيش غض والحواسد نوم هنا وعين البين قد كحلت عمى
في روضة أبدت ثغور زهورها لما بكى فيها الغمام تبسما
مد الربيع على الخمائل نوره فيها فأصبح كالخيام مخيما
تبدو الأقاحي مثل ثغر أشنبٍ أضحى المحب به كئيباً مغرما
وعيون نرجسها كأعين غادةٍ ترنو فترمي باللواحظ أسهما
وكذلك المنثور منثور بها لما رأى ورد الخدود منظما
والطير تصدح في فروعها فنونها سحراً فتوقظ بالهديل النوما