للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووصف بلاد تلمسان، وأجاد فيها إلى الغاية؛ وهي (١) :

قم مبصراً (٢) زمن الربيع المقبل ... تر ما يسرّ المجتني والمجتلي

وانشق نسيم الروض مطلولاً وما ... أهداك من عرفٍ وعرفٍ فاقبل

وانظر إلى زهر الرياض كأنّه ... درٌّ (٣) على لبّات ربّات الحلي

في دولة فاضت يداها بالندى ... وقضت بكل منى لكلّ مؤمل

بسطت بأرجاء البسيطة عدلها ... وسطت بكلّ معاندٍ لم يعدل

سلطانها المولى أبو حمو الرضى ... ذو المنصب السامي الرفيع المعتلي

تاهت تلمسان بدولته على ... كلّ البلاد بحسن منظرها الجلي

راقت محاسنها ورقّ نسيمها ... فحلا بها شعري وطاب تغزّلي

عرّج بمنعرجات باب جيادها ... وافتح بها باب الرجاء المقفل

ولتغد للعبّاد منها غدوة ... تصبح هموم النفس عنك بمعزل

وضريح تاج العارفين شعيبها ... زره هناك فحبّذا ذاك الولي

فمزاره للدين والدنيا معاً ... تمحى ذنوبك أو كروبك تنجلي

وبكهفها الضحّاك قف متنزهاً ... تسرح نفوسك (٤) في الجمال الأجمل

وتمشّ في جنباتها ورياضها ... واجنح إلى ذاك الجناب المخضل

تسليك في دوحاتها وتلاعها ... نغم البلابل واطّراد الجدول

وبربوة العشاق سلوة عاشق ... فتنت وألحاظ الغزال الأكحل

بنواسمٍ وبواسم من زهرها ... تهديك أنفاساً كعرف المندل

فلو امرؤ القيس بن حجر راءها ... قدماً تسلّى عن معاهد مأسل


(١) القصيدة في بغية الرواد ١: ١٣.
(٢) البغية: نجتل.
(٣) البغية: درر.
(٤) البغية: جفونك.

<<  <  ج: ص:  >  >>