للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدت إليك الغرب شدة بأسه ... وإنعامه للمعتفين وما أولى

فبادره بالصلح خوف فواته ... وسالمه إذ كان ذاك به أولى

فكان بحمد الله صلحاً مهنّأ ... به طابت الدّنيا وجزنا به السبلا

له في المعالي رتبة لا ينالها ... سواه وكتب في فضائله تتلى

لطاعته كلّ الأنام تبادرت ... فيا سعد من وافى ويا ويح من ولّى

أحسّاده موتوا فإنّ قلوبكم ... بدمر الغضا ممّا بها أبداً تصلى

لقد جبر الله البلاد بملكه ... به ملئت أمناً، به ملئت عدلا

فلا زال هذا الملك فيه مخلداً ... وصارمه الأمضى وخادمه الأعلى وممّا مدحت به تلمسان قول الإمام الصوفي أبي عبد الله محمد بن خميس الذي قدمنا ذكره في هذا الكتاب وبعض ما يتعلّق به، وذكرنا أيضاً فيما مرّ بعض أمداحه لها (١) :

تلمسان جادتك السحاب الروائح (٢) ... وأرست بواديك الرياح اللواقح

وسحّ على ساحات باب جيادها ... ملثّ يصافي تربها ويصافح

يطير فؤادي كلّما لاح لامعٌ ... وينهل دمعي كلّما ناح صادح

ففي كل شفرٍ من جفوني مائع ... وفي كلّ شطر من فؤادي قادح

فما الماء إلا ما تسحّ مدامعي ... ولا النار إلا ما تجنّ الجوانح

خليليّ لا طيف لعلوة طارق ... بليل ولا وجه لصبحي لائح

نظرت فلا ضوء من الصبح ظاهر ... لعيني ولا نجم إلى الغرب جانح

بحقّكما كفّا الملام وسامحا ... فما الخلّ كلّ الخلّ إلاّ المسامح

ولا تعذلاني واعذراني فقلّما ... يردّ عناني من عليّة ناصح


(١) وردت القصيدة في بغية الرواد ١: ١١.
(٢) البغية: الدوالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>