للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتمت هواها ثم برّح بي الأسى ... وكيف أطيق الكتم والدمع فاضح

لساقية الروميّ عندي مزيّة ... وإن رغمت تلك الرواسي الرواشح

فكم لي عليها من غدوٍّ ورحةٍ ... تساعدني فيها المنى والمنائح

فطرف على تلك البساتين سارحٌ ... وطرفٌ إلى تلك الميادين جامح

تحار بها الأذهان وهي ثواقب ... وتهفو بها الأحلام وهي بوارح

ظباء مغانيها عواطٍ عواطف ... وطير مجانيها شوادٍ صوادح

تقتّلهم فيها عيونٌ نواظر ... وتبكيهم منهم عيون نواضح

على قرية العبّاد منّي تحيّة ... كما فاح من مسك اللطيمة فائح

وجاد ثرى تاج المعارف ديمة ... تغصّ بها تلك الرّبى والأباطح

إليك شعيب بن الحسين قلوبنا ... نوازع لكنّ الجسوم نوازح

سعيت فما قصّرت عن نيل غاية (١) ... فسعيك مشكور وتجرك رابح

نسيت وما أنسى الوريط ووقفة ... أنافح فيها روضة وأفاوح

مطلاً على ذاك الغدير وقد بدت ... لإنسان عيني من صفاه صفائح

أماؤك أم دمعي عشية صدّقت ... عليّة فينا ما يقول المكاشح

لئن كنت ملآناً بدمعي طافحاً ... فإني سكران بحبّك طافح

وإن كان مهري في تلاعك سائحاً ... فذاك غزالي في عبابك سابح

قراح أتى ينصبّ من رأس شاهق ... بمثل حلاه تستحثّ القرائح

أرق من الشوق الذي أنا كاتم ... وأصفى من الدمع الذي أنا سافح

أما وهوى من لا أسميّه إنّني ... لعرضي كما ق النصيح لناصح

أبعد صيامي واعتكافي وخلوتي ... يقال فلان ضيّق الصدر بائح

لبعت رشادي فيه بالغيّ ضلّةً ... وكم صالح مثلي غدا وهو طالح

وأيّ مقام ليس لي فيه حاسد ... وأيّ مقالٍ ليس لي فيه مادح


(١) البغية: رغبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>