يمشي على فنن الرشاء كأنّه ... فيه مساور ذابل أو أرقم
وإليك من صون العقول عقيلة ... وقفت ببابك وقفة المسترحم
ترجو قبولك وهو أكبر منحةٍ ... فاسمح به خلّدت من متكرّم
طاردت فيها وصف كلّ غريبةً ... فنظمت شارده الذي لم ينظم
ودعوت أرباب البيان أريهم ... " كم غادر الشعراء من متردم " (١)
ما ذاك إلاّ بعض أنعمك التي ... قد علّمتنا كيف شكر المنعم ثمّ قال: وأنشد من ذلك في الصنيع المخصوص بعمنا الأمير أبي عبد الله - رحمة الله تعالى عليه - وأطنب في وصف دار الملك وغير ذلك من ضخامة آثار مولانا رضي الله تعالى عنه:
سل الأفق بالزهر الكواكب حاليا ... فإني قد أودعته شرح حاليا
وحمّلت معتلّ النّسيم أمانةً ... قطعت بها عمر الزمان أمانيا
فيا من رأى الأرواح وهي ضعيفة ... أحمّلها ما يستخف الرواسيا
وساوس كم جدّت وجد بي الهوى ... فعدّ به القلب المقلّب هازيا
ومن يطع الألحاظ في شرعة الهوى ... فلا بدّ أن يعصي نصيحاً ولاحيا
عدلت بقلبي عن ولاية حكمه ... غداة ارتضى من جائر اللحظ واليا
وما الحب إلاّ نظرة تبعث الهوى ... وتعقب ما يعيي الطبيب المداويا
فيا عجباً للعين تمشي طليقة ... ويصبح من جرّائها القلب عانيا
ألا في سبيل الله نفس نفيسة ... يرخّص منها الحبّ ما كان غاليا
ويا ربّ عهدٍ للشباب قضيته ... وأحسنت من دين الوصال التقاضيا
خلوت بمن أهواه من غير رقبة ... ولكن عفافي لم أكن عنه خاليا
(١) غير قول عنترة المفتتح ب " هل "؛ وعجز البيت: " أم هل عرفت الدار بعد توهم " وهو مطلع معلقته.