للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم ندر روضاً منه أنعم نضرةً ... وأعطر أرجاءً، وأحلى مجانيا

ولم نر قصراً منه أعلى مظاهراً ... وأرفع آفاقاً، وأفسح ناديا

معاني من نفس الكمال انتقيتها ... وزينت منها بالجمال المغانيا

وفاتحت مبناه بعيد شرعته ... تبث به في الخافقين التهانيا

ولمّا دعوت الناس نحو صنيعه ... أجابوا لهم من جانب الغور داعيا

وأمّوه من أقصى البلاد تقرّباً ... وما زال منك السعد يدني الأقاصيا

وأذكرت يوم العرض جوداً ومنعةً ... بموقف عرض كنت فيه المجازيا

جزيت به كلاّ على حال سعيه ... فما غرست بمناه أصبح جانيا

وأطلعت من جزل الوقود هوادجاً ... تذكّر يوم النفر من كان ساهيا

وحين غدا يذكى ببابك للقرى ... فلا غرو أن أجريت فيه المذاكيا

وطامحة في الجوّ غير مطالة ... يرد مداها الطرف أحسر عانيا

تمدّ لها الجوزاء كفّ مسارعٍ (١) ... ويدنو لها بدر السماء مناجيا

ولا عجب أن فاتت الشهب بالعلا ... وأن جاوزت منها المدى المتناهيا

فبين يدي مثواك قامت لخدمة ... ومن خدم الأعلى استفاد المعاليا

وشاهد ذا أني ببابك واقف ... وقد حسدت زهر النجوم مكانيا

وقد أرضعت ثدي الغمائم قبلها ... بحجر رياض كنّ فيه نواشيا

فلمّا أبينت عن قرارة أصلها ... أرادت إلى مرقى الغمام تعاليا

وعدّت لقاء السحب عيداً وموسماً ... لذاك اغتدت بالزّمر تلهي الغواديا

فأضحكت البرق الطروب خلالها ... وباتت لأكواس الدراري معاطيا

رأت نفسها طالت فظنّت بأنها ... تفوت على رغم اللحاق المراميا


(١) الأزهار: مصافح.

<<  <  ج: ص:  >  >>