وتعمل في العدا بيض المواضي ... إلى أن ينكر السيف القرابا
فما كأس من الصهباء صرف ... تعيد الشيخ من طرب شبابا
وطاف بها من الرهبان بدر ... يهتّك من دجى الليل الحجابا
تجدّ الأنس عوداً بعد بدء ... وربع الهمّ تتركه خرابا
بأعذب من ثنائك حين يطوي ... به الركب الأباطح والهضابا
أمولاي استمعها بنت فكر ... تخيّرها فأبرزها لبابا
وغاص على فرائدها الغوالي ... وشقّ على نفائسها العبابا
وهنّاك الإله بكلّ نعمى ... تقود لك الأمانيّ الصعابا
ودمت لعزة الإسلام ركناً ... إلى أن يشمل الشيب الغرابا وقال، وقد أنشدها السلطان ليلة الميلاد عام خمسة وستين وسبعمائة:
نفس الصّبا أهدى إليّ نسيما ... قد رام ممتنعاً ورام عظيما
يا هل يبلّغني السّرى خير الورى ... فأرى معاهد للهوى ورسوما
وأسابق الركبان فوق نجيبة ... تفري من البيد العراض أديما
وأحطّ رحلي في كريم جواره ... أرجو نعيماً في الجنان مقيما
حتى إذا بلغوا الذي قد أمّلوا ... ورأوا مقاماً بالرضى موسوما
وتزاحموا في الترب يستلمونه ... أرأيت في الورد الظّماء الهيما
قبّلت ذاك الترب من شوقي إلى ... من حلّه وأقمت فيه لزيما
وبكيت من دمع المآقي زمزماً ... وتركت جسمي كالحطيم حطيما
صلّى عليه الله ما هبّت صباً ... تهدي من الطيب الزكيّ شميما
لله مولده الذي أنواره ... صدعت ظلاماً للضلال بهيما
شرعت من التأييد سيف هداية ... أردت ظباه فارساً والروما
كسر الأكاسر بالعراء ولم يدع ... أن ردّ قيصر قاصراً مهزوما