يا صاحبيّ نداء صبّ مغرم ... قلبي بحبّ المصطفى معمور
عوجا عليّ بوقفة وبعطفة ... إنّي على ألم الفراق صبور
إن لم أزر بالجسم قبر المصطفى ... فالقلب من بعد المزار يزور
نيران قلبي بالبعاد توقّدت ... ومدامعي خدّي بها ممطور
فمن الفراق الحتم نيران لها ... لهب، ومن فيض الدموع بحور
فمتى أفوز بوقفة في طيبة ... والقلب مني فارح مسرور
ويقال لي إنزل بأكرم منزل ... وابشر فأنت على النوى منصور
إن جاد دهري بالوصول لطيبة ... بعد المطال فذنبه مغفور
هي جنّة من حلّها نال المنى ... وسما وساد وصافحتح الحور
حتى النسيم إذا سرى من نحوها ... يصبو إليه المسك والكافور ومنها قوله رحمه الله تعالى:
أمّا النّسيم فقد حيّاك عاطره ... وبارق المنّحنى أحياك ماطره
خاطر بروحك في نيل الوصال (١) فكم ... من نازح نال طيب الوصل خاطره
زهر الرّبى باسم تندى كمائمه ... رقّ النّسيم بها إذ راق ناظره
ما حلّ روض المنى الغض الجنى دنف ... فاستضحكت فيه من عجب أزاهره
والنهر أبرز للبدر الأتم حلىً ... والبدر طرز ماء النهر زاهره
والغصن تلعب أنفاس الرياح به ... والطلّ قد نثرت منه جواهره
والليل قد رقمت بالشّهب حلته ... والبرق يبسم في الظلماء ساهره
والنور محض جنىً فوق الندى درر ... وعقدها زيّن الأغصان دائره
وملبس الروض قد زانته خضرته ... والليل بالفجر قد شابت غدائره
والصبح سلّ على جيش الظلام ظبىً ... وعندما سلّها ولّت عساكره
(١) ق: الوصول.