وكانوا يسمّونهم السادة، واقتسموا ولاياتها بينهم، ولهم مواقف في جهاد العدوّ مذكورة، وكان صاحب الأمر بمراكش يأتي الأندلس للجهاد، وهزم يعقوب المنصور كما سبق قريباً بالأرك ابن أذفونش ملك الجلالقة الهزيمة الشنعاء.
[العقاب والتياث أمر الموحدين]
وأجز ابنه الناصر الوالي بعده البحر إلى الأندلس من المغرب سنة تسع وستمائة ومعه من الجنود ما لا يحصى، حتى حكى بعض الثقات من مؤرخي المغرب أنّه اجتمع معه من أهل الأندلس والمغرب ستمائة ألف مقاتل، فمحص الله المسلمين بالموضع المعروف بالعقاب، واستشهد منهم عدّة، وكانت سبب ضعف المغرب والأندلس، أمّا المغرب فبخلاء كثير من قراه وأقطاره، وأمّا الأندلس فبطلب العدوّ عليها، لأنّه لمّا التاث أمر الموحدين بعد الناصر ابن المنصور انتزى السادة بنواحي الأندلس كلٌّ في عمله، وضعف ملكهم بمراكش، فصاروا إلى الاستجاشة بالطاغية بعضهم على بعض، وإسلام حصون المسلمين إليه في ذلك، فمشت رجالات الأندلس وأعقاب العرب منذ الدولة الأموية، وأجمعوا على إخراجهم، فثاروا بهم لحين واحد وأخرجوهم، وتولى كبر ذلك محمد بن يوسف بن هود الجذامي الثائر بالأندلس وابن مردنيش وثوّار آخرون.
[ابن هود ومنافسه ابن الأحمر]
قال ابن خلدون (١) : ثم خرج على ابن هود في دولته من أعقاب دولة العرب أيضاً وأهل نسبهم محمد بن يوسف بن نصر المعروف بابن الأحمر، وتلقّب محمد هذا بالشيخ، فجاذبه الحبل، وكانت لكل واحد منهما دولة أورثها بنيه، انتهى.