فيا لها من ذات طوق، مثيرة لكامن شوق، جالبة له من يمين وشمال وفوق:
ذكرتني الورقاء أيام أنسٍ سالفات فبت أذري الدموعا
ووصلت السهاد شوقاً لحبي وغراماً وقد هجرت الهجوعا
كيف يخلو قلبي من الذكر يوماً وعلى حبهم حنيت الضلوعا
كلما أولع العذول بعتبي في هواهم يزداد قلبي ولوعا
وربما أتخيل قول من قال إنها بالحزن بائحة، وعلى فقد الإلف نائحة، فأنشد قول خليل، وهو بالحب مدنف وعليل:
ورب حمامة في الدوح باتت تجيد النوح فناً بعد فن
أقاسمها الهوى مهما اجتمعنا فمنها النوح والعبرات مني
ولا غرو إن ظهر بائح، فباكٍ مثلي من الشجو نائح:
فرجعت بعد فراق أيام الهوى أصف الصبابة للمحب المولع
دامي الجفون إذا الحمامة غردت من فوق خوط البانة المترعرع
أسقي الديار - وقد تباعد أهلها عنها - عزالي الدموع الهمع
ونواعب الأطلال ليس يجيبني ما بينهن سوى الصدى بتوجع
وهواتف فوق الغصون يجيبني منهن تغريد الحمام السجع
ناحت على عذب الفروع وإلفها منها بمرأى فوقها وبمسمع
ما فارقت إلفاً كما فارقته كلا ولا أجرت سواكب أدمعي
على أوان عيون سعوده روان، وزمان معمور بأماني وأمان، وآمال دوان، وتهان ما بين بكرٍ وعوان، وفي عذر من طال ليله فاضطرب فيه لولوعه، وسكن جواه بجوانحه وضلوعه: