عجبت لمن أبقى على خمر دنّه ... غداة رأى لوز الحديقة نوّرا ولا أذكر بقية الأبيات، قال جدّي: ثم اجتمعت به بعد ذلك بغرناطة، فذكرته باجتماعه في منية الزبير، فتنهّد وفكّر ساعة وقال: اكتبوا عنّي، فكتبنا:
سقى الله بستان الزبير، ودام في ... مجاريه سيل (١) النّهر ما غنّت الورق
فكائن لنا من نعمة في جنابه ... كبزّته الخضراء طالعها طلق
هو الموضع الزاهي على كل موضع ... أما ظلّه ضافٍ أما ماؤه دفق
أهيم به في حالة القرب والنوى ... وحقّ له منّي التذكّر والعشق
ومن ذلك النّهر الخفوق فؤاده ... بقلبي ما غيّبت عن وجهه خفق قال: فقلت له: جمع الله بينك وبينه على الحالة التي تشتهي، قال: ذلك لك، قلت: وكيف ذلك؟ قال: تدفع لي هذا السيف الذي تقلّدت به أتزوّد به إليه، وأنفق الباقي فيه على ما تعلم، قال: فقلت له: هذا سيفٌ شرّفني به السلطان أبو زكريّاء ابن غانية، وما لعطائه سبيل، ولكن أعطيك قيمته، فخرج وأبى بشخصٍ يعرف قيمة السيوف، فقدّره وجعل يقول: إنّه سيف السلطان ابن غانية، ليعظم قدره في عينه فيزيد في قيمته، ثم قبض ما قدّر به، وأنشد ارتجالاً:
أطال الله عمر فتى سعيدٍ ... وبقّاه ورقّته السّعود
غدا لي جوده سبباً لعودي ... إلى وطين فها أنا ذا أعود