للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حباني من ذخائره بسيفٍ ... به لم يبق للأحزان جيد والقصر الفارسي من القصور المقصودة للنزاهة بخارج قرطبة، وقد ذكره الوزير أبو الوليد ابن زيدون في قصيد ضمّنه من منتزهات قرطبة ما تقف عليه، وكان قد فرّ من قرطبة أيّام بني جهور، فحضره في فراره عيد ذكّره بأعياد وطنه ومعاهده الأنسيّة مع ولاّدة التي كان يهواها ويتغزّل فيها، فقال (١) :

خليليّ لا فطرٌ يسرّ ولا أضحى ... فما حال من أمسى مشوقاً كما أضحى وستأتي هذه القصيد في هذا الباب، كما ستأتي قصيدة أبي القاسم ابن هشام القرطبي التي أوّلها:

يا هبّةً باكرت من نحو دارين ... وفيها كثير من منتزهات قرطبة.

قال ابن سعيد: كان والدي كثيراً ما يأمرني بقراءتها عليه، ويقول: والله لقد أنبأت عن فضلٍ لهذا الرجل، قال: وكان أبو يحيى الحضرمي يحفظها، ويزين بها مجالسه، ويحلف أن لا ينشدها بمحضر جاهل لا يفهم، أو حاسد لا ينصف في الاهتزاز لها، وإنّه لجدير بذلك، وإنّها لمن كنوز الأدب.

ثم قال: والمرج النّضير المذكور بها هو مرج الخز، أخبرني والدي أنّه حضر في زمان الصّبا بهذا المرج على راحة، ومعه الرئيس الفاضل أبو الحسين ابن الوزير أبي جعفر الوقّشي (٢) والمسنّ ابن دريدة (٣) المشهور بخفة الروح، قال: فسبحت أمامنا إوز، وجعلت تمرح وتنثر ما عليها من الماء فوق المرج،


(١) ديوان ابن زيدون: ١٥٨.
(٢) أبو الحسين الوقشي، سيذكره صاحب النفح، وكان ذا صوت بديع عارفاً بالألحان؛ وقد مر ذكره في المغرب (١: ٢٢٠) في مجلس مع والد ابن سعيد.
(٣) في بعض النسخ: الحسن؛ وفي نسخة: دويدة؛ وقد ذكره ابن سعيد في المغرب ٢: ١٨١ وأورد بعض نوادره؛ وهو قلعي أي ينسب إلى قلعة بني سعيد؛ وفي ج: ودريده.

<<  <  ج: ص:  >  >>