للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السوافي الماخرة، تود العيون أن تتحدى حدودها القاصية فلا تطيق، والركائب الراكضة أن تشرف على غايتها فيفضل عن مراحلها الطريق، قد جللها الربيع أرزاقاً تغص به الخزائن والأطباق، وحبوباً مفضلة لا يرزؤها الإنفاد والإنفاق، ولو اعتصبت (١) على انتسافها الآفاق، فخففنا في سبيل الله لتعقيب غزو تلك الأقطار المخالفة، بمحق الصائفة، وإحانة (٢) تلك الطائفة، بكلوم المجاعة الجائفة (٣) ، خفوفاً لم نقنع فيه بالاستنابة، حرصاً على استئصال الصّبابة، وأعفينا الرحل من اتصال الكد، وقابلنا قبولهم على استصحابنا فيها بالرد، وأطللنا على قرطبة بمحلاتنا ننسف جبال النعم (٤) نسفاً، ونعمّ الأرض زلزالاً وخسفاً، ونستقري مواقع البذر إحراقاً (٥) ، ونخترق أجوابها المختلفة بحبّ الحصيد اختراقاً، ونسلّط عليها من شرر النار أمثال (٦) الجمالات الصّفر مدّت من الشّواظ أعناقاً، ونوسع القرى الواسعة قتلاً واسترقاقاً، وندير على مستديرها أكواس الحتوف دهاقاً، وأخذت النيران واديها الأعظم من كلا جانبيه حتى كأن القيون (٧) أحمت سبيكته فاستحالت، وأذابت صفيحته فسالت، وأتت الكفار سماؤهم بالدخان المبين، وصارت الشمس من بعد سفورها وعموم نورها منقّبة المحيّا معصبة الجبين، وخضنا أحشاء الفرنتيرة (٨) نعمّ أشتات النّعم انتسافاً، وأقوات أهلها إتلافاً، وآمال سكانها إخلافاً، وقد بهتوا لسرعة الرجوع، ودهشوا


(١) هذه اللقطة مصحفة في الأصول، فهي: اعتصت في ج؛ وفي ق ك ط: اعتضت.
(٢) ق ك ج: وإعانة؛ وفي ط: لمحق الضائقة.
(٣) ق ك ط ج ودوزي: المجاع الخائفة.
(٤) في ك: الجبال؛ وفي ق: جليل النعم؛ ج: جبائل النعم.
(٥) ك: احتراقاً.
(٦) ط: أثقال.
(٧) ق ك: العيون.
(٨) تصحفت هذه الكلمة على عدة وجوه؛ فهي الغرنيرة في ق والغريرة ف ك ... والفرنيرة في ط ج والصواب الفرنتيرة (La Frontera) .

<<  <  ج: ص:  >  >>