للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنزول (١) فنزل في جملة الأصحاب، والقمر بظهر ويحتجب في السحاب، والأفق يبدو به أغرّ ثم يعود مبهماً، والليل يتراءى منه أشقر ثم يعود أدهماً، وأبو مروان قد انتشى، وجال في ميدان الأنس ومشى، وبرد خاطره قد دبجه السرور ووشى، فأقلقه ذلك المغيب والالتياح، وأنطقه ذلك السرور والارتياح، فقال:

أرى بدر السماء يلوح حيناً ... فيبدو ثمّ يلتحف السحابا

وذلك أنّه لمّا تبدّى ... وأبصر وجهك استحيا فغابا

مقال لو نمي عندي إليه ... لراجعني بذا حقّاً جوابا وله في مدة اعتقاله، وتردده في قيله وقاله (٢) :

شحط المزار فلا مزار، ونافرت ... عيني الهجوع فلا خيالّ يعتري

أزرى بصبري وهو مشدود العرى (٣) ... وألان عودي وهو صلب المكسر

وطوى سروري كلّه وتلذّذي ... بالعيش طيّ صحيفة لم تنشر

ها إنّما ألقى الحبيب توهّماً ... بضمير تذكاري وعين تذكّري

عجباً لقلبي يوم راعتني النوى ... ودنا وداعي (٤) كيف لم يتفطر [رجع إلى المنصور]

وكان المنصور إذا أراد أمراً مهمّاً شاور أرباب الدولة الأكابر من خدام الدولة الأموية، فيشيرون عليه بالوجه الذي عرفوه وجرت الدولة الأمويّة عليه، فيخالفهم إلى المنهج الذي ابتدعه، فيقضون في أنفسهم


(١) ك: بالنزول عنده.
(٢) في رواية من أصول المطمح: في قيده وعقاله؛ وهذه الأبيات من رائيته المشهورة عند الأندلسيين وفيها نصائح وحكم لابنه (نظر فهرست ابن خير: ٤١٠) .
(٣) ك: القوى.
(٤) ك: ودنا وداع.

<<  <  ج: ص:  >  >>