للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حضرة غرناطة فحللنا قرية على ضفّة نهر، أحسن من شاذمهر (١) ، تشقّها جداول كالصّلال، ولا ترمقها الشمس من تكاثف الظلال، ومعنا جملة من أعيانها، فأحضرنا من أنواع الطعام، وأرانا من فرط الإكرام والإنعام، ما لا يطاق ولا يحد، ويقصر عن بعضه العد، وفي أثناء مقامنا بدا لي من ذلك الفتى المذكور ما أنكرته فقابلته بكلام أحقده، وملام اعتقده (٢) ، فلمّا كان من الغد لقيت منه اجتنابه، ولم أر منه ما عهدته من الإنابه، فكتبت إليه مداعباً، فراجعني بهذه القطعة:

أتتني أبا نصرٍ نتيجة خاطرٍ ... سريعٍ كرجع الطّرف في الخطرات

فأعربت عن وجدٍ كمينٍ طويته ... بأهيف طاوٍ فاتر اللحظات

غزالٍ أحمّ المقلتين عرفته ... بخيف منىً للحسن أو عرفات

رماك فأصمى والقلوب رميّةٌ ... لكلّ كحيل الطّرف ذي فتكات

وظنّ بأن القلب منك محصّبٌ ... فلبّاك من عينيه بالجمرات

تقرّب بالنّسّاك في كل منسكٍ ... وضحّى غداة النّحر بالمهجات

وكانت له جيّان مثوىً فأصبحت ... ضلوعك مثواه بكل فلاة

يعزّ علينا أن تهيم فتنطوي ... كئيباً على الأشجان والزفرات

فلو قبلت للنّاس في الحبّ فديةٌ ... فديناك بالأموال والبشرات [٢٢ - من ترجمة ابن خفاجة]

وقال في ترجمة أديب الأندلس وشاعرها أبي إسحاق ابن خفاجة بعد كلام، ما صورته (٣) : وقال يندب معاهد الشباب، ويتفجّع لوفاة الإخوان والأحباب،


(١) شاذمهر: موضع نزه بنيسابور.
(٢) ك: بكلام اعتقده وملام أحقده.
(٣) القلائد: ٢٣٦ والديوان: ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>