للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغدا يسفر عن وجنته ... نوره الغضّ ويهتزّ طرب

خلت لمع الشمس في مشرقه ... لهباً يجمد منه في لهب

وبياض الطّلّ في صفرته ... نقط الفضّة في خطّ الذهب انتهى.

وسيأتي إن شاء الله تعالى كثير من وصف بلاد الأندلس ومنتزهاتها، وما اشتملت عليه من المحاسن، في كلام غير واحد ممن يجري ذكره في هذا الكتاب، وخصوصاً أديب زمانه غير مدافع، من اعترف له أهل الشرق، بالسبق، وأهل المغرب، بالإبداع المغرب، النور أبو الحسن عليّ بن سعيد العنسي، فإنّه لما دخل مصر اشتاق (١) إلى تلك المواطن الأندلسيّة الرائقة، ووصفها بالقصائد والمقطوعات الفائقة، وقد أسلفنا أيضاً فيما مرّ من هذا الكتاب بعض ما يتعلّق بمحاسن الأندلس، فليراجع في محلّه من هذا الكتاب.

قلت: وماذا عسى أن نذكر من محاسن قرطبة والزاهرة والزهرا، أو نصف من محاسن الأندلس التي تبصر بكل موضع منها ظلاًّ ضافياً ونهراً وزهرا، ويرحم الله تعالى أديبها المشهور، الذي اعترف له بالسبق الخاصة والجمهور، أبا إسحاق ابن خفاجة، إذ قال (٢) :

يا أهل أندلسٍ لله درّكم ... ماءٌ وظلٌ وأنهارٌ وأشجار

ما جنّة الخلد إلى في دياركم ... ولو تخيّرت هذا كنت أختار

لا تحسبوا في غدٍ (٣) أن تدخلوا سقراً ... فليس تدخل بعد الجنّة الناري ويروى مكان قوله:

ولو تخيرت هذا كنت أختار ...


(١) ك: لما اتصل بمصر ودخلها اشتاق ... إلخ.
(٢) ديوان ابن خفاجة: ٣٦٤.
(٣) ك: لا تختشوا بعد ذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>