للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ومن الراحلين من الأندلس الفقيه المحدث يحيى بن يحيى الليثي (١) راوي الموطّأ عن مالك، رضي الله تعالى عنه، ويقال: إن أصله من برابر مصمودة (٢) . وحكي (٣) أنّه لما ارتحل إلى مالك لازمه، فبينما هو عنده في مجلسه مع جماعة من أصحابه إذ قال قائل: حضر الفيل، فخرج أصحاب مالك كلّهم، ولم يخرج يحيى، فقال له مالك: ما لك لم تخرج وليس الفيل في بلادك فقال: إنّما جئت من الأندلس لأنظر إليك، وأتعلّم من هديك وعلمك، ولم أكن لأنظر إلى الفيل، فأعجب به مالك، وقال: هذا عاقل الأندلس، ولذلك قيل (٤) : إن يحيى هذا عاقل الأندلس (٥) ، وعيسى بن دينار فقيهها، وعبد الملك بن حبيب عالمها، ويقال: إن يحيى راويها ومحدّثها، وتوفّي يحيى بن يحيى سنة ٢٣٤ برجب، وقبره يستسقى به بقرطبة، وقيل: إن وفاته في السنة التي قبلها، والله تعالى أعلم.

وروايته الموطّأ (٦) مشهورة، حتى إن أهل المشرق الآن يسندون الموطّأ من روايته كثيراً، مع تعدّد رواة الموطّأ، والله أعلم. وكان يحيى بن يحيى روى الموطّأ بقرطبة عن زياد بن عبد الرحمن اللخميّ المعروف بشبطون، وسمع من يحيى بن مضر القيسي الأندلسي، ثم ارتحل إلى المشرق وهو ابن ثمان وعشرين سنة، فسمع من مالك بن أنس الموطّأ غير أبواب في كتاب الاعتكاف، شكّ في سماعها، فأثبت روايته فيها عن زياد، وذلك ممّا يدلّ على ورعه.

وسمع بمصر من اللّيث بن سعد، وبمكة من سفيان بن عيينة، وتفقه


(١) قد مر التعريف والإشارة إلى مصادر ترجمته، انظر ج ١ ص: ٣٣٩.
(٢) نسبه: يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس (أو وسلاسن) بن شمال بن منغايا وقد ضبطه ابن خلكان هذه الأسماء.
(٣) النقل عن ابن خلكان ٥: ١٩٤.
(٤) هذا هو قول محمد بن عمر بن لبابة، انظر الترجمة السابقة.
(٥) ولذلك ... الأندلس: سقط هذا من ط ق، واندرج كأنه من كلام مالك.
(٦) ق: في الموطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>