للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشّقندي في " الطرف "، وكان قد صحب المهدي محمد بن تومرت بالمشرق (١) ، فأوصى عليه عبد المؤمن وكان مكرماً عنده، وحكي أنّه كتب كتاباً فأشار عليه أحد من حضر أن يذرّ عليه نشارة، فقال: قف، ثم فكرّ ساعة، وقال: اكتب (٢) :

لا تشنه بما تذرّ عليه ... فكفاه هبوب هذا الهواء

فكأنّ الذي تذرّ عليه ... جدريٌّ بوجنةٍ حسناء ولقي أبا بكر الطّرطوشي. وما برح معظماً إلى أن تولى خطّة القضاء، ووافق ذلك أن احتاج سور إشبيلية إلى بنيان جهةٍ منه، ولم يكن فيها مال متوفر، ففرض على الناس جلود ضحاياهم، وكان ذلك في عيد أضحى، فأحضروها كارهين، ثم اجتمعت العامة العمياء، وثارت عليه ونهبوا داره، وخرج إلى قرطبة.

وكان في أحد أيام الجمع قاعداً ينتظر الصلاة، فإذا بغلام رومي وضيء قد جاء يخترق الصفوف بشمعة في يده وكتاب معتّق، فقال:

وشمعةٍ تحملها شمعةٌ ... يكاد يخفي نورها نارها

لولا نهى نفسٍ نهت غيّها ... لقبّلته وأتت عارها ولما سمعهما أبو عمران الزاهد قال: إنّه لم يكن يفعل، ولكنّه هزته أريحية الأدب ولو كنت أنا لقلت:

لولا الحياء وخوف الله يمنعني ... وأن يقال صبا موسى على كبره

إذاً لمتّعت لحظي في نواظره ... حتى أوفّي جفوني الحقّ من نظره


(١) في هذا القول نظر، وقد سئل ابن العربي بعد عودته إلى المغرب هل لقي الإمام المهدي بن تومرت، وكان ذلك في مجلس عبد المؤمن، فقال: لم ألقه وإنما سمعت به (الحلل الموشية: ١٢٢ - ١٢٣) .
(٢) انظر المغرب ١: ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>