للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخمسمائة؛ انتهى كلام ابن سعيد وغيره ملخّصاً.

وما وفى ابن سعيد حافظ الإسلام أبا بكر ابن العربي حقّه، فلنعززه بما حضرنا من التعريف به، فنقول: إنّه لقي ببغداد الشاشي أبا بكر والإمام أبا حامد الطوسي الغزالي، ونقل عنه أنّه قال: كل من رحل لم يأت بمثل ما أتيت به من العلم إلاّ الباجي، أو كلاماً هذا معناه، وكان من أهل التفنن في العلوم، متقدماً في المعارف كلّها، متكلّماً على أنواعها، حريصاً على نشرها، وقام بأمر القضاء أحمد قيام، مع الصرامة في الحق، والقوّة والشدة على الظالمين والرفق بالمساكين، وقد روي عنه أنّه أمر بثقب أشداق زامرْ، ثم صرف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثّه، وقرأ عليه الحافظ ابن بشكوال بإشبيلية.

وقال ابن الأبّار (١) : إن الإمام الزاهد العابد أبا عبد الله ابن مجاهد الإشبيلي لازم القاضي ابن العربي نحواً من ثلاثة أشهر، ثم تخلّف عنه، فقيل له في ذلك، فقال: كان يدرس وبغلته عند الباب ينتظر الركوب إلى السلطان، انتهى.

وذكره ابن الزبير في صلته (٢) ، وقال: إنّه رحل مع أبيه أبي محمد عند انقراض الدولة العبّادية، وسنّه نحو سبعة عشر عاماً، إلى أن قال: وقيد الحديث، وضبط ما روى، واتسع في الرواية، وأتقن مسائل الخلاف والأصول والكلام على أئمة هذا الشأن، ومات أبوه - رحمه الله تعالى - بالإسكندرية أول سنة ثلاث وتسعين فانصرف حينئذ إلى إشبيلية، فسكنها، وشوور فيها وسمع، ودرّس الفقه والأصول، وجلس للوعظ والتفسير، وصنف في غير فن تصانيف مليحة حسنة مفيدة، وولي القضاء مدّة أوّلها في رجب من سنة ثمان وعشرين، فنفع الله تعالى به لصرامته ونفوذ أحكامه، والتزم (٣) الأمر بالمعروف والنهي عن


(١) انظر أيضا المرقبة العليا: ١٠٦ وأزهار الرياض: ٦٣.
(٢) المصدران السابقان أيضا.
(٣) ط: والتزام.

<<  <  ج: ص:  >  >>