للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنكر، حتى أوذي في ذلك بذهاب كتبه وماله، فأحسن الصبر على ذلك كله، ثم صرف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثّه، وكان فصيحاً حافظاً أديباً شاعراً كثير الملح مليح المجلس.

ثم قال: قال القاضي عياض - بعد أن وصفه بما ذكرته -: ولكثر حديثه وأخباره وغريب حكاياته ورواياته أكثر الناس فيه الكلام، وطعنوا في حديثه، وتوفي منصرفه من مراكش من الوجهة التي توجّه فيها مع أهل بلده إلى الحضرة بعد دخول الموحّدين مدينة إشبيلية، فحبسوا بمراكش نحو عام، ثم سرحوا، فأدركته منيته، وروى عنه خلق كثير، منهم القاضي عياض وأبو جعفر ابن الباذش وجماعة، انتهى ملخصاً.

ووقع في عبارة ابن الزبير تبعاً لجماعة أنّه دفن خارج باب الجيسة بفاس، والصواب خارج باب المحروق، كما أشبعت الكلام على ذلك، في أزهار الرياض (١) ، وقد زرته مراراً، وقبره هنالك مقصود للزيارة خارج القصبة، وقد صرح بذلك بعض المتقدمين الذين حضروا وفاته، وقال: إنّه دفن بتربة القائد مظفر خارج القصبة، وصلى عليه صاحبة أبو الحكم ابن حجاج، رحمه الله تعالى.

ومن بديع نظمه (٢) :

أتتني تؤنّبني بالبكا ... فأهلاً بها وبتأنيبها

تقول وفي نفسها حسرةٌ: ... أتبكي بعين تراني بها

فقلت: إذا استحسنت غيركم ... أمرت جفوني بتعذيبها وقال، رحمه الله تعالى: دخل عليّ الأديب ابن صارة وبين يديّ نار علاها رماد، فقلت له: قل في هذه، فقال:


(١) أزهار الرياض ٣: ٦٥، ٨٧ - ٨٨.
(٢) أزهار الرياض ٣: ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>