للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فريق على آخر - وليس غريباً ان يتعلق المسلمون بالملك لأنه الشخص الوحيد القادر على حمايتهم. ومن ثم لن نستغرب ما يقوله فلقندو من ان النساء المسلمات في بلرم خرجن حين توفي غليالم الأول يلبسن الثياب الخشنة، وقد نشرهن شعورهن وملأن الفضاء بعويلهن، ورددن المراثي الشجية على نغمات الطنبور (١) ذلك لأن الملك إن كف عن حمايتهم، أصبحت حياتهم في خطر. وهذا ما حدث فعلا عندما قامت ثورة على مايون وزير غليالم الأول منتصف عام ١١٦٠م فقد كان مايون - كما يحدثنا فلقندو - نزع السلاح من أيدي المسلمين. فلما قام النبلاء والبارونات بالثورة عليه انتهز المسيحيون - وخاصة اللمبارديون - هذه الفرصة وهاجموا المسلمون واثخنوا فيهم قتلا وذبحاً في شوارع بلرم - ويقال انهم وجدوا في القصر جماعة من الحصيان المسلمين فذبحوهم، ثم قتلوا المسلمين الذين كانوا في الدواوين او في الفنادق والحوانيت ونزعوا الأكفان عن جثث الموتى، ولم يكن عدد من هلك من المسلمين قليلاً، وممن قتل في هذه الواقعة الشاعر القفصى يحيى بن التيفاشى. ولعل الإدريسي كان من ضحاياها أيضاً (٢) . ويمضى فلقندو الذي روى الحوادث فيقص علينا كيف ان اثنين من اللمبارديين خرجا إلى بثيرة وغيرها، وجمعا الفلاحين اللاتين، وأغارا بهم غارات متتالية على المسلمين الذين كانوا يعيشون بين المسيحيين، دون أن يراعوا في ذبحهم عمراً أو جنساًً، حتى أبادوهم الا قليل نجوا بأنفسهم، ولجأوا إلى الغابات والجبال لتخفيهم عن أنظار المسيحيين، وبعضهم لجاْ إلى قلعة في جنوبي صقلية يسكنها بعض إخوانهم في الدين (٣) .

وبعد غليالم جاء غليالم الثاني وكان صغير السن أمه بالوصاية عليه، واتخذت رجلا يسمى اسطفان Stefano مستشاراً لها، وكان رجلاً قديراً لكن تنقصه عصبية تشد من أزره، أو حزب يسنده، ويقول فلقندو في وصفه:


(١) Amari؛ S.D.M. VOL، ٣، P. ٥٠٢
Waern؛ Med. Sic. P. ٣٩
(٢) Amari؛ S.D.M. VOL، ٣، PP. ٤٩٥ - ٩٦
(٣) OP. Cit. PP. ٤٩٧ - ٩٨

<<  <   >  >>