في حيثُ شبّ الماءُ جمرة قيظه ... وبقيت في مقلاهُ كالمقلين
وشربت ماء المهل قبل جهنم ... وشفعتهُ بمطاعم الغسلين
حتى إذا استفرغتُ منها طاقتي ... وملأت من أسف ضلوع سفيني
أجفلتُ من جَفلوذَ إجفال امرىء ... بالدين يُطلبُ ثم أو بالدين
مع أنها بلدٌ أشم يحفه ... روضُ يشم فمن منى ومنون
تجري بأعيننا عيونُ مياهه ... محفوفةً ابدا بحورٍ عين
وتركتها والنوءُ ينزل راحتي ... عن مالِ قارونٍ إلى قارون ويقول في مسيني وسرقوسة:
وأظل أنُشد حين أنشد صاحبي ... من ذا يُمسيني على مسينى
وحللتُها وحللتُ عقد عزائمي ... بيدي إلى السيد المبادر دونى
فأقامني تسعين يوماً لم تزل ... نفسي بها في عقدة التسعين
بتجلف لا يستقل جناحه ... ولو استطار بريشي جبرين
بردٌ جرى في معطفيه وفكه ... وكلامه وعجانه المعجون
ثم استقلتْ بي على علاتها ... مجنونةٌ سحبتْ على مجنون
هوْجاءُ تُقسيمُ والرياحُ تقودها ... بالنون أنا من طعام النون
حتى إذا ما البحر أبدتهُ الصبا ... ذا وجنة بالموج ذات غضون
ألقت به النكباءُ راحةَ عائث ... قلبتْ ظهورَ مشاهد لبطون
وتكلفتْ سرقوسةٌ بأماننا ... في ملجأ للخائفين أمين وفي هذه القصيدة التي علت على موضوعها وذللته، واستحقت اسم الشعر، يحدثنا ابن قلاقس كيف كره ثرمة لشدة حرارتها، ولم يجد فيها صدراً رحباً إلا عند رجل اسمه حسين، ثم أجفل من جفلوذ كما يجفل الذي يطلب بالدين أو بالدين - شأن مسلمي صقلية قبل زيارة ابن قلاقس لها بقليل - وسر الشاعر من جفلوذ ومن رياضها وعيون مياهها المحفوفة بالنساء الجميلات - صورة صقلية